القاهرة | لسنوات طويلة، بقيت «نقابة الصحافيين» في مصر تمثّل عامل إزعاج للنظام بسبب التمثيل القوي لتيّار المعارضة داخل مجلس النقابة. لكن اليوم، ينتهي الانقسام مع نجاح الأمن في الدفع بغالبية مرشّحيه في الانتخابات التي جرت بعد يوم واحد من احتفال النقابة بعامها الثمانين. فعشية الانتخابات التي جرى تأجيلها أسبوعين بسبب «الإجراءات الاحترازية» ليتغيّر مكانها ويصير في مقرّ «نقابة المعلمين» المحتوي على ساحات مفتوحة واسعة، نجح الأمن في الدفع بغالبية مرشّحيه، فيما احتفظ رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات»، ضياء رشوان، بمنصبه نقيباً لعامين (حتى 3/2023).الانتخابات شهدت عزوفاً واضحاً من تيّار المعارضة داخل النقابة، تَمثّل في غياب الدفع بمرشّح لمنصب النقيب في مواجهة رشوان الذي يحظى بدعم كبير، ومنافِسه الأقوى رفعت رشاد الذي يرتبط بعلاقات مع الأمن أيضاً، ما جعل الدولة تَظهر بمظهر المحايد في الانتخابات لعلاقاتها مع الرجلين، وإن كانت قد دعمت رشوان نسبياً، وهو الرجل الذي حسم النتيجة بنسبة 51% من الأصوات الصحيحة. وجاء إعلان المرشّح المحسوب ضمناً على المعارضة انسحابه قبل الانتخابات، بعد إخفاقه في الحصول على حكم قضائي ببطلان ترشُّح رشوان لجمعه بين منصب النقيب ورئاسة هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية.
انتهى العام الثمانون للنقابة بإقصاء غالبية الصحافيين المعارضين


اللافت في الانتخابات التي يراها كثيرون أنها الأسوأ في تاريخ النقابة، ليس ما شابها من مخالفات رمزية، بل في السلوكيات الأمنية التي برزت خلال يوم التصويت، وتمثّلت في حشد غير مسبوق لمرشّحين محسوبين على الأمن في قائمة ضمّت أربعة أسماء نجحت غالبيتها باستثناء واحد. هكذا، باستثناء اسمين فقط، تمكّن الأمن من إحكام سيطرته على مجلس النقابة بعد دورة لعامين من تعادُل الأصوات بين المعارضة والموالاة. وقد شهد هذان العامان شللاً واضحاً في النقابة التي بات دور نقيبها محاولة إخراج المحتجزين على ذمّة التحقيقات، مع الصمت عن التجاوزات بحق الصحف المستقلة والتنكيل الذي يتعرّض له الصحافيون المعارضون بصورة ملحوظة.
حتى الآن، لم تتمّ دعوة مجلس النقابة الذي انتُخب الجمعة الماضي، في انتظار إنهاء الخلافات على توزيع اللجان بين الأعضاء المنتخَبين، مع ترقُّب للطعون التي يعتزم بعضهم تقديمها أمام القضاء، وسط ارتياح نسبي من جانب الدولة لتشكيل المجلس الجديد، واتجاه لعدم الضغط نحو وضع النقابة تحت الحراسة، بل تحويلها إلى هيئة لتسيير الأوضاع من دون أيّ دور سياسي، وهو ما ستتولّاه غالبية أعضاء المجلس خلال المرحلة المقبلة بعد إقصاء غالبية المعارضين.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا