عدن | يوم الخميس الماضي، استهدف هجوم مباغت حاجز تفتيش لقوات «الحزام الأمني»، التابعة لـ»لمجلس الانتقالي الجنوبي»، في مديرية أحور في محافظة أبين جنوب اليمن، مُسفراً عن مقتل 14 شخصاً، بينهم ستّة مدنيين. ولم تمرّ 12 ساعة حتى شهدت منطقة الخبر التابعة لمديرية الوضيع، شرقي أبين، هجوماً آخر استهدف حاجزاً أمنياً للقوات نفسها، وأسفر عن مقتل وإصابة 4 من أفرادها. وقبل الهجومين المذكورَين بيوم، قُتل جندي وأصيب آخرون في هجوم ثالث على حاجز أمني لـ»الحزام» في مديرية مودية في المحافظة ذاتها. وفي حين اتّهم «الانتقالي»، ضمناً، حزب «الإصلاح» بالوقوف وراء تلك الهجمات، بشكل مباشر أو من خلال تحريك عناصر تنظيم «القاعدة»، التزم التنظيم الصمت، إذ لم ينفِ أو يؤكد صلته بها. غير أن مصادر خاصة أكدت، لـ»الأخبار»، وقوف «القاعدة» وراء هجومَي أحور والوضيع، موضحة أن التنظيم لم يعلن مسؤوليته عنهما بسبب سقوط ضحايا مدنيين جرّاءهما، وحتى لا يُكشف عن وجوده في مناطق خاضعة لسيطرة القوات التابعة للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي. ووفقاً للمصادر، كان «القاعدة» قد بدأ بترتيب صفوفه في المحافظة أواخر العام الماضي، بعد توقُّف المواجهات بين قوات «الانتقالي» المدعومة من الإمارات، وقوات هادي المدعومة من السعودية، لتنفيذ ما عُرف بـ»اتفاق الرياض».
من المؤكد أن عمليات «القاعدة» في أبين ستصبّ في مصلحة القوات المدعومة من الرياض، وخصوصاً إذا ما استمرّت بالوتيرة نفسها، ما قد يدفع «الانتقالي» إلى تعزيز مواقعه في المناطق البعيدة عن مراكزه، أو إلى سحب أفراده منها، إن لم يلجأ إلى مهاجمة مواقع قوات هادي، بحجّة أن العمليات الإرهابية التي تستهدفه تنطلق منها. لكن، لماذا يتحرّك مُنفّذو العمليات بِحُرّية ومن دون خوف في مناطق سيطرة السعودية؟ لا بدّ من الإشارة هنا إلى أن «القاعدة» شارك في مواجهات أبين إلى جانب قوات هادي، وهو ما يعني أن المناطق التي ينطلق منها لتنفيذ عمليّاته ضدّ «الحزام الأمني» ليست غريبة عليه، تماماً كما أن التنظيم ليس غريباً على القوات المسيطِرة على تلك المناطق.
تدرك السعودية جيّداً أن سيطرة «أنصار الله» على مأرب ستُضعف موقفها جنوباً


من هنا، لا يبدو مستبعداً أن تكون وراء هجمات التنظيم الأخيرة رغبة سعودية في تأديب «الانتقالي» وإشغاله؛ بسبب طريقة تعاطيه مع «اتفاق الرياض»، وخشية استغلاله للمعارك الدائرة في محافظة مأرب لتوسيع دائرة نفوذه في الجنوب، وخصوصاً بعدما أكّد رئيسه، عيدروس الزبيدي، أن سيطرة «أنصار الله» على مأرب تعني انطلاق حوار بين شمال وجنوب، وحوار كهذا يعني تجاوز كلّ الخطوط الحمر للرياض والاعتراف بـ»أنصار الله» كسلطة شرعية في الشمال. تدرك السعودية، جيّداً، أن سيطرة «أنصار الله» على مأرب ستُضعف موقفها جنوباً، إذ ستغدو بمقدور «الانتقالي» السيطرة على محافظة شبوة ووادي حضرموت، آخر مناطق نفوذها في اليمن، ما يعني خروج الملفّ اليمني من يدها بشكل كلّي، ولهذا لا بدّ من عودة أو إعادة العمليات الإرهابية إلى مناطق «الانتقالي»، لإشغال الأخير بها، إضافة إلى اتخاذ حرب «الإرهاب» مبرّراً لبقاء جزء من الجنوب ضمن النفوذ السعودي.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا