القاهرة | من المقرّر أن يضمّ اجتماع رفيع المستوى في العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع الجاري، مسؤولين مصريين ونظراءهم الأتراك، لبحث خطوات إعادة العلاقات بين البلدين، تدريجياً، خلال المدّة المقبلة. يأتي ذلك فيما تصلُ مديرَ المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، ووزيرَ الخارجية، سامح شكري، فضلاً عن مكتب الرئيس، تقاريرُ عن المحتوى الذي تبثّه شاشات القنوات «الإخوانية» من تركيا، والذي «رُصدت فيه خروق لما تمّ الاتفاق عليه»، وفق ما تفيد به مصادر. ويقف وراء تلك الخروق بعض الإعلاميين الذين ستطالب القاهرة بمنعهم من الظهور أو ترحيلهم من تركيا، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا اشتراط مصرياً بتسلُّم جميع المطلوبين لإعادة العلاقات، ولكن على الأقلّ منعهم من الظهور مؤقّتاً كبادرة أولى للتعامل مع أنقرة. في الوقت نفسه، سيتمّ تسليم الجانب التركي تقارير واضحة حول آلية تعامُل الإعلام المصري الجديدة مع تركيا، وتوقُّف اللهجة العدائية أو إبراز السلبيات في الداخل التركي، إضافة إلى تجنُّب أيّ أخبار سلبية عن الاقتصاد وقرارات الرئيس رجب طيب إردوغان، مقابل بثّ «أخبار محايدة» على الشاشات التي تديرها الدولة، وكذلك في الصحف.ومن المفترض أن تضمّ الاجتماعات المرتقبة مسؤولين في أجهزة الاستخبارات والخارجية، لتجري مناقشات واسعة حول المطالب المصرية التي تتضمّن اعتذاراً شبه علني من قِبَل المسؤولين الأتراك، فيما سيتمّ إرجاء مسألة شرق المتوسط لتكون ضمن مفاوضات أوسع تضمّ اليونان وقبرص على الأقل، على أن تجري مباحثات ثنائية أو ثلاثية للاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، ووقف عمليات التنقيب التركية خارج منطقة الجرف القاري أو المناطق المتنازع عليها. وفي المبدأ، لا تمانع القاهرة توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، بعدما أبدت في وقت سابق احتراماً للجرف القاري التركي، لكن المرجّح أن تتعارض الاتفاقية المتوقَّعة مع تلك المجمّدة سابقاً بين تركيا وحكومة «الوفاق» الليبية. كما أن مصر تشترط ألّا يناقض ترسيم الحدود بينها وبين أنقرة، الحدود البحرية المستقرّة مع اليونان وقبرص، والمُوقَّع عليها في اتفاقات سابقة.
وتفيد مصادر متابعة بأن المسؤولين المصريين «يحملون رسائل محدّدة وواضحة» في شأن التعامل مع تركيا، خاصة في القضايا الإقليمية، حيث تحرص القاهرة على أن «لا يكون هناك استغلال لعودة العلاقات من أجل ممارسة ضغوط على حلفائها الخليجيين والأوروبيين»، بحسب المصادر. إذ على رغم توتُّر العلاقات بين مصر والسعودية، إلا أن الأولى ستؤكد أن التطبيع الكامل للعلاقات لا يمكن إتمامه في حال استمرار السياسات «العدائية» التركية تجاه الرياض وأبو ظبي على وجه التحديد. إلا أن كثرة الأحاديث والتسريبات، في الإعلام السعودي تحديداً، عن تسليم المطلوبين المنتمين إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، تدفع المصادر إلى التأكيد أن تلك معلومات ترغب الرياض في ترويجها لإثبات تخلّي أنقرة عن تنفيذ وعودها، بما يتسبَّب في كبح قطار التطبيع الكامل، وهو أمر تدركه القاهرة التي صارت «مستفَزة» من هذه الخطوات.
تحاول السعودية التشويش عبر إعلامها على الخطوات التركية لكبح التطبيع الكامل

وتضيف المصادر نفسها: «الرسالة المصرية واضحة: مصر لن تضحّي بعلاقاتها مع أحد من أجل تركيا، وحلفاؤها في المنطقة سيظلّون على رأس أولوياتها، واستعادة العلاقات لن تكون على حساب أحد منهم مهما بلغت المغريات، خاصة أن التصرّفات التركية ليست مضمونة... بمعزل عن أن ما تَحقَّق خلال السنوات الماضية كانت انعكاساته السياسية والاقتصادية أكبر بكثير مما يمكن تحقيقه مع الأتراك بمفردهم».
وتأمل القاهرة في مزيد من الإجراءات التركية لإثبات حسن النية، وخاصة على مستوى التنسيق في المواقف الدولية بما لا يتعارض مع المواقف المصرية المعلَنة، في مقابل تعهُّد بأن يكون التواصل مع المعارضة التركية ضمن الأطر والأعراف الديبلوماسية، من دون السماح باستخدام القاهرة كمنبر لمهاجمة إردوغان إعلامياً أو حتى مجرّد استضافة معارضيه. وبالعودة إلى ملفّ «الإخوان»، تسود حالة ترقُّب لدى غالبية شباب الجماعة، ولا سيما أن مستقبلهم بات مجهولاً مع تقلُّص الدعم الذي يحصلون عليه. كما بدأ عدد منهم البحث عن أماكن بديلة للإقامة في القريب العاجل سواء في دول آسيوية أو أوروبية، لكنهم يواجهون صعوبات مالية، أهمّها أنهم لن يضمنوا رواتبهم في حال خروجهم من تركيا نهائياً.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا