القاهرة | على رغم تمرير اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة، الأسبوع الماضي، المقترح المصري بتمديد ولاية الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لفترة ثانية مدّتها 5 سنوات، إلّا أن الجامعة تشهد أزمات عدّة، يتصدّرها توجُّه بعض أعضائها نحو تقليص حصصهم في تمويلها، وعلى رأسهم السعودية التي تشتكي من ضخّ أموال بلا طائل. ولا ترغب المملكة في تخفيض الحصّة الكبيرة التي تدفعها من موازنة الجامعة فحسب، بل وأيضاً في إعادة هيكلة الأجور التي تزايدت بشكل مطّرد منذ بداية الألفية الجديدة، والميزانيات الضخمة المرصودة للبعثات في الخارج، فضلاً عن الأجور العالية التي يتقاضاها كبار المسؤولين.ويعود التضييق السعودي، في جزء منه، إلى غياب الرضى عن أداء أبو الغيط، في وقت تشتكي فيه الرياض من عدم تعيين كوادر دبلوماسية سعودية في الجامعة خلال الفترة الماضية، وتُبدي رغبتها في تعيين نائب سعودي للأمين العام، علماً أن هذا المنصب لا يزال شاغراً منذ وفاة السفير أحمد بن حلّي قبل نحو 3 سنوات. كما تطلُب إعادة النظر في المخصَّصات المالية للأمين العام والأمانة العامة بما يتلاءم مع موازنات الأجور التي تلتهم غالبية ميزانية الجامعة.
شعر مسؤولو المملكة بالضيق جرّاء تسريب بعض التفاصيل إلى الصحافة


وعلى رغم أن السعودية أرسلت مطالبها مكتوبة إلى الجامعة، إلّا أن مسؤولي المملكة شعروا بالضيق جرّاء تسريب بعض التفاصيل إلى الصحافة، وتحديداً إلى وسائل إعلام مملوكة للمخابرات المصرية، ما ولّد سجالاً قصيراً كان بطله من الجانب السعودي وزير الدولة للشؤون الأفريقية والمندوب السابق للمملكة في الجامعة وسفيرها في القاهرة لأكثر من عقدين، أحمد القطان، الذي تحدّث في تغريدات عدّة عن خلل في الجامعة، قبل أن يعود ويحذف تلك التغريدات. إذ جرى سريعاً احتواء الغضب السعودي بشكل مؤقت من أجل «وحدة الجامعة»، عبر مَنْح الأخيرة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، «درع العمل التنموي» عن عام 2021، والتغزُّل بالحاكم الفعلي للسعودية من جانب الأمين العام، أحمد أبو الغيط، الذي وصف ابن الملك بـ«الرجل الحكيم الذي يعمل من أجل أمّته».
على الجانب الآخر، تواجه الجامعة مشكلة مرتبطة بموعد انعقاد القمّة العربية، بعدما تمسّكت الجزائر بحقها في استضافة القمّة التي كان يُفترض أن تُقام في آذار/ مارس الماضي، قبل أن تُؤجَّل لمزيد من الاستعدادات وبسبب جائحة «كورونا». وتغيَّب وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، عن الاجتماع الوزاري العربي في الساعات الأخيرة، بسبب ما وصفه بأنه «ظروف قاهرة نتيجة وضع الطيران وأزمة كورونا». وأبلغ بوقادوم، الأمين العام، تمسُّك بلاده بحق رئاسة القمّة ومكان إقامتها، مقترحاً انعقادها في الصيف المقبل وتحديداً ما بين حزيران/ يونيو وآب/ أغسطس المقبلَين، فيما ستجري مناقشات واسعة خلال الفترة المقبلة لإقرار جدول أعمالها، علماً أن الجزائر تَطلُب حسم جملة أمور قبل الموعد المقترَح. ويُتوقَّع أن يزور أبو الغيط الجزائر قريباً للتمهيد للقمّة، وحلّ أكبر قدر من المشكلات العالقة. وعكَس التمسُّك الجزائري برئاسة القمة واستضافتها قدرة الجزائر على فرض إرادتها باستغلال نصوص الجامعة ولوائحها، التي ترغب مع ذلك في تعديلها بشكل جذري.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا