الرباط | تعيش تونس جدلاً واسعاً، أثارته أنباء غير مؤكّدة عن تطعيم مسؤولين حكوميّين بلقاحات قدّمتها الإمارات، وتعدّي هؤلاء أولويّة تطعيم الكوادر الطبّية المعتمَدة عالمياً. وقال نوّاب تونسيون إن لقاحات «كورونا» وصلت لتطعيم مسؤولين كبار، بينهم الرئيس، لكن رئاسة الجمهورية نفت ذلك، مؤكدةً أن ألف جرعة حصلت عليها الرئاسة، وُجِّهت إلى الطبّ العسكري. وقبل أيام، أعلنت الرئاسة التونسية تلقّيها 500 لقاح مضادّ للفيروس، بمبادرة من أبو ظبي، مشيرةً إلى أنه «قد تمّ، بأمر من رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، تسليم هذه الجرعات إلى الإدارة العامة للصحّة العسكرية». وأضاف بيان الرئاسة إنه «لم يقع تطعيم أيّ كان، لا من رئاسة الجمهورية ولا من غيرها من الإدارات، بهذا التلقيح، وذلك في انتظار التثبُّت من نجاعته، وترتيب أولويات الاستفادة منه». ونفى سعيّد، بدوره، وصول جرعات لقاح «كورونا» إلى الرئاسة، قائلاً، في لقاء جمعه إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء التونسي يوسف بوزاخر، إن هناك مَن يبثّ شائعات و»نحن نحتاج اليوم إلى لقاحات ضدّ كورونا وضدّ الكذب والافتراء أيضاً، ولا أعتقد أنها ستكون ناجعة... لا يُصلح العقار ما أفسده الدهر».في هذه الأثناء، بدأت تظهر دعوات مِن أجل إعادة «اللقاحات الإماراتية» إلى مصدرها، إذ دوّن وزير الصحة الأسبق، عبد اللطيف المكي، عبر حسابه في «فايسبوك»: «السيد رئيس الحكومة، أرى أن تُعيد كمية اللقاحات فوراً إلى مصدرها»، مضيفاً: «لا نريد الامتهان». كما تبنّى الرئيس الأسبق، المنصف المرزوقي، هذا الموقف، قائلاً: «أوافق على اقتراح عبد اللطيف المكي وأقاسم كلّ تونسي وتونسية غضبه من تسريب القصة إلى استغلالها إعلامياً، أرجعوا لحكام الإمارات لقاحاتهم. المنّ الحقير لا يكون على التونسيين يا ألدّ أعداء تحرّر شعبنا وأمّتنا. ولا بدّ لليل أن ينجلي».
نفى سعيّد وصول جرعات لقاح «كورونا» إلى الرئاسة، قائلاً إن هناك مَن يبثّ شائعات


في المقابل، يرى مراقبون أن المسألة لا تستحقّ كلّ الجدل الدائر حولها. وفي هذا الإطار، يقول الأستاذ الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أيمن البريكي، في تصريح إلى «الأخبار»، إنه كان من المفروض التعامُل مع المسألة بأقلّ حدّة»، مشيراً إلى أنه «تمّ طرح الموضوع بطريقة متشنّجة في بعض وسائل الإعلام، ما سبّب سوء فهم وسوء تواصل أدّيا إلى حالة من الغضب لدى بعض الجهات». وأضاف بريكي إن «ما حدث لا يرقى إلى أن يصبح أزمة سياسية بين البلدين، وخصوصاً أنه لم يصدر أيّ حديث رسمي من الدولتين الإماراتية والتونسية، وبقي الجدل محصوراً في زاوية ضيقة»، لافتاً إلى أن «الإعلام التونسي لم يعطِ أيّ زخم لمسألة اللقاح، ولم يكن هناك أيّ رد فعل تجاه تعاطي الإعلام الإماراتي مع هبة اللقاحات المقدَّمة من أبو ظبي». وفي الاتجاه نفسه، رأى الكاتب والصحافي التونسي، أيمن الزمالي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المسألة لا ترقى إلى أن تكون بهذا الزخم الذي تُسوّقه بعض القنوات»، معتبراً أنه «يتمّ استغلال هذا الحدث في المعركة السياسية الدائرة بين الأحزاب»، مستبعداً أن يؤدّي الجدل إلى «أزمة سياسية بين البلدين».
يُذكر أن تونس، التي يبلغ تعداد سكّانها حوالى 11,7 مليون نسمة، قد سجّلت، منذ بدء تفشي الوباء، ما يناهز ربع مليون إصابة بفيروس «كورونا»، أسفرت عن أكثر من ثمانية آلاف وفاة، بحسب أرقام وزارة الصحّة، في وقت لا تزال فيه تنتظر الشحنة الأولى من اللقاح المضادّ للفيروس في إطار مبادرة «كوفاكس»، التي أطلقتها «منظّمة الصحّة العالمية» لضمان توزيع عادل للقاحات في عدّة دول، علماً بأنه لم يتحدّد بعد موعد رسمي لوصول الشحنة.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا