القاهرة | رفعت جهات سيادية، إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تقريراً تُحذّر فيه من تداعيات تطبيق التعديلات الخاصة بقانون الشهر العقاري والمرتبطة بتسجيل العقارات والوحدات السكنية، طارحةً أمامه مجموعة سيناريوات للتراجع عن تطبيق القانون الذي يطال نحو 90% من الوحدات السكنية والعقارية في مصر بشكل فوري، ويُطبّق بأثر رجعيّ على عملية شراء بعض الوحدات. ويَمنع القانون، الذي أُقِرّ الصيف الماضي من قِبَل البرلمان السابق وأمضاه الرئيس بالفعل في شهر أيلول/ سبتمبر الفائت، أيّ مالك لوحدات عقارية من التعامل مع المرافق أو تعديلها من دون سداد رسوم تصل إلى نحو 10% من قيمتها لجهات مختلفة في الدولة، من بينها نقابة المحامين على سبيل المثال لا الحصر، وهو ما سيُمثّل عائقاً أمام حركة البيع والشراء، ويزيد من كلفة العقارات، لا سيما مع تطبيقه الفوري وتعدُّد الجهات التي يجب اللجوء إليها أولاً قبل السماح بالبيع.
وَضعت جهات سيادية ثلاثة سيناريوات أمام السيسي لحفظ «هيبة الدولة»

وبحسب التقرير الذي اطّلعت «الأخبار» على مضمونه، فإن خطوات عديدة يجب اتخاذها قبل موعد تطبيق القانون في 6 آذار/ مارس المقبل، من بينها شرح العديد من الأمور الغامضة في نصوصه، إلى جانب تخفيض الرسوم وتوحيد الجهة التي يتمّ التعامل معها، إضافة إلى إعطاء مهل استثنائية، على غرار ما حدث في قانون التصالح مع مخالفات البناء، والذي جمعت من خلاله الدولة مليارات الجنيهات كدفعات مقدَّمة فقط، فيما أُرجئت المبالغ الكاملة لتُسدَّد على 4 دفعات، وليس دفعة واحدة كما كان يشترط القانون. ودَعت الجهات السيادية، الرئيس، إلى سرعة التدخُّل من أجل حسم هذا الأمر، وإنهاء المشاكل التي ستحدث مع دخول القانون حيّز التنفيذ، مُتحدّثةً عن أهمّية إيجاد مخرج آمن لما وُصف بـ«هيبة الدولة» في تطبيق القانون على أرض الواقع، وعدم التراجع أمام الغضب الشعبي الذي تزايد بصورة غير مسبوقة في الأيام الأخيرة، وسط مخاوف من احتجاجات داخل مكاتب الشهر العقاري التابعة لوزارة العدل، وتمرُّد على تنفيذ طلبات التوثيق لبيع العقارات وشرائها. وعليه، طُرحت ثلاثة سيناريوات أمام الرئيس: أوّلها إصدار قرار رئاسي من قِبَل السيسي الذي سبق ووَقّع بنفسه القانون واعتَمده ليُنشر في الجريدة الرسمية؛ والثاني مرتبط بتحرُّكات مضادّة للقانون من قِبَل نواب البرلمان، لا سيما «تنسيقية شباب الأحزاب» - ذراع المخابرات -؛ والأخير متعلّق بالحكومة التي لا يبدو أنها تعتزم التراجع من تلقاء نفسها، بعدما حاول وزير العدل ومساعدوه شرح القانون ومميّزاته للمواطنين.
الأكيد أن التقرير ستتمّ الاستجابة له خلال الساعات المقبلة، لكن آلية الاستجابة لم تُحسَم بعد، في وقت سمحت فيه المخابرات لوسائل الإعلام التي تديرها بانتقاد القانون الذي اعتمده البرلمان السابق، علماً أن بعض التعديلات التي أُدخلت عليه لا ينوي النظام التراجع عنها ولكن سيُعيد صياغتها. كذلك، بدأ عدد من النواب «المعارضين» للنظام بالتحرُّك ضدّ القانون من داخل البرلمان، وفي مقدّمة هؤلاء عبد العليم داوود، الذي اعتبر أن القانون لم يُقدّم أيّ تسهيلات حقيقية في إجراء التسجيل العقاري وفق ما جاء في مذكّرته الإيضاحية ولائحته التنفيذية، بل بالعكس، زاد من تداعيات أزمة التسجيل العقاري، وهَدّد الملكية العامة والخاصة، وامتدّ تأثيره الضارّ إلى حظر توصيل المرافق العامة والتراخيص لـ95% من عقارات مصر غير المسجَّلة في الشهر العقاري، وشلّ حركة تداول العقارات والاستثمار فيها. وأشار إلى أن مدّة الأشهر الستة الفاصلة بين نشر القانون في الجريدة الرسمية وتطبيقه بدءاً من الشهر المقبل ليست كافية للمواطنين حتى يُجروا استعداداتهم، مشدّداً على ضرورة أن يسبق أيَّ مشروع قانون للتسجيل العقاري أو حتى تعديل محدود، تطويرٌ وإعادة هيكلة شاملة للشهر العقاري، حتى لا تكون المكاتب سبب فشل تطبيق القانون على أرض الواقع شكلاً وموضوعاً.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا