صنعاء | باعتراف الأمم المتحدة، فشلت الجولة الثالثة من مفاوضات الأسرى بين الأطراف اليمنيين، والتي جرت على مدى قرابة شهر في العاصمة الأردنية عمّان، برعاية المنظمة الدولية. واكتفى المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بإعلان انتهاء جولة «عمّان 3» من دون التوصُّل إلى أيّ اتفاق، معرباً عن خيبة أمله من ذلك، ومحجِماً في الوقت نفسه عن تسمية الطرف المسؤول عن العرقلة. وإذ جدّد اجترار الأمنيات باستمرار الأطراف في مناقشة محدّدات عملية موسَّعة لإطلاق سراح الأسرى، فقد اتهم وفدُ صنعاء الأممَ المتحدة بالتواطؤ مع وفد حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، على التنصُّل من الاتفاق السابق الذي التزم بموجبه بالإفراج عن 200 أسير من أسرى الجيش و»اللجان الشعبية»، مقابل إفراج صنعاء عن 101 من أسراه، بِمَن فيهم شقيق هادي، ناصر منصور.وكشفت مصادر في «الهيئة الوطنية لشؤون الأسرى» في صنعاء أن وفد حكومة هادي تَعمّد، منذ اللحظة الأولى لانعقاد الجولة الأخيرة التي انطلقت في الـ24 من كانون الثاني/ يناير الماضي، تغيير أسماء الأسرى، وتقديم قوائم جديدة تضمّنت أسماء لمعتقلين على ذمّة أحداث جسيمة صدرت بحقّهم أحكام جزائية. وهو ما أكّده، أيضاً، رئيس «هيئة الأسرى» في صنعاء، عبد القادر المرتضى، الذي أعلن، في حسابه على «تويتر»، انتهاء جولة «عمّان 3»من دون تقدُّم، مُحمّلاً السعودية وحكومة هادي المسؤولية عن ذلك. وأوضح المرتضى أن هذه الجولة كانت ملزمة للطرفين بتنفيذ الشقّ الثاني من اتفاق «عمّان 2» الذي يشمل 301 من الطرفين، وتمّ الاتفاق على توسيعه، ولكن وفد هادي تَقدّم بقائمة لأسماء من خارج الاتفاق، الأمر الذي تمّ إبلاغ الأمم المتحدة به. وأضاف أن «وفد الطرف الآخر أصرّ على اعتماد القائمة البديلة في عرقلة واضحة». وأِشار إلى تقدُّم وفد صنعاء بمقترح لإنهاء معاناة الجرحى والمرضى وكبار السنّ من الأسرى لدى الطرفين، إضافة إلى مقترح تبادل آخر يشمل جميع أبناء مأرب، إلا أنه تمّ رفض تلك المقترحات.
كانت الجولة محسومة باتفاقات مسبقة، وأريد منها فقط إتمام عملية التنفيذ


إزاء ذلك، اعتبر عضو «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، محمد علي الحوثي، فشل جولة «عمّان 3» «تواصُلاً لتوجُّه دول العدوان في إفشال أيّ مساعي سلام دولية». ولفت الحوثي، في تغريدة على حسابه في «تويتر»، إلى أن «ملفّ تبادل الأسرى ملفّ إنساني صرف»، معتبراً «عدم السماح بإنجاز أيّ تقدُّم فيه تعبيراً عن رفض عملي للمبعوث الأممي... فبعد إفشاله سياسياً بتصعيدهم المتعمَّد مع أيّ تحرُّك للسلام، وبعد عرقلة آلية الأمم المتحدة للتفتيش، ورفض إخراج المرضى، أعاقوا ملف الأسرى».
وعلى رغم تكتُّم الأمم المتحدة على مجريات جولة المشاورات المنتهية، إلا أن مصادر في وفد صنعاء كشفت، مطلع الشهر الحالي، عن وجود خلافات بينية في أوساط وفد هادي تُهدّد سير المفاوضات. ووفقاً لمصادر مطلعة، فقد برز خلال الجولة الأخيرة الدور السعودي في توجيه وفد هادي والتحكُّم في كلّ قراراته، علماً بأن حزب «الإصلاح» (الإخوان) هيمن على ملفّ الأسرى خلال السنوات الماضية. وسبق للرياض أن أوقفت أكثر من صفقة تبادل، وقامت بنقل أسرى من الجيش و»اللجان» من سجون «الإصلاح»، المسيطِر الفعلي على الأرض باسم حكومة هادي، في عدد من المحافظات كمأرب وتعز وشبوة، إلى سجونها من أجل المقايضة بهم، والضغط على حكومة صنعاء في ملفّات أخرى، لعلّ أبرزها الإفراج عن أسرى سعوديين من العيار الثقيل، من ضمنهم طيار حربي وأربعة ضباط كبار، سبق أن أعلنت صنعاء استعدادها لتسليمهم للرياض مقابل الإفراج عن معتقلي حركة «حماس» في السعودية.
وعلى رغم أن الجولة المنتهية كانت محسومة باتفاقات مسبقة، وأريد منها فقط إتمام عملية التنفيذ، إضافة إلى توسيع الصفقة لتشمل آخرين، إلا أن وفد صنعاء يؤكد أن التدخُّلات السعودية نسفت كلّ ما تمّ الاتفاق عليه بشكل كلّي. وكانت جولة مشاورات قد انعقدت في جنيف منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أسفرت عن تطبيق اتفاق «عمّان 2»، بما أدّى إلى الإفراج عن أكثر من 1080 أسيراً من الطرفين، منهم 670 أسيراً من الجيش و»اللجان»، مقابل 411 أسيراً من قوات هادي، في ما عُدّ أوّل عملية تبادل عبر الأمم المتحدة منذ بداية العدوان .
يشار إلى أن «هيئة الأسرى» في صنعاء تَمكّنت، توازياً مع جولة المفاوضات الأخيرة، من الإفراج عن عدد من الأسرى من خلال صفقات تبادل محلية توسّطت فيها شخصيات قبلية من محافظة مأرب. وأعلنت وزارة الداخلية في صنعاء، رسمياً، تنفيذ عمليتين أمنيتين تمكّنت في خلالهما من تحرير دفعتين من الأسرى، بمجموع يتجاوز 20 أسيراً، موضحة أن إحداهما نُفّذت أواخر الشهر الماضي، فيما تمّت الأخيرة السبت وأسفرت عن تحرير 11 أسيراً، بعد «قيام مرتزقة العدوان في مأرب ببيع أسيرين اثنين للجانب السعودي» بحسب الوزارة، التي حيّت الجهات المتعاونة معها في تنفيذ الصفقتين في عمق مدينة مأرب.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا