غزة | أصدر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، المرسوم الثاني الخاصّ بالانتخابات، والذي يتضمّن نصوصاً تهدف إلى «تعزيز الحرّيات العامة»، على أن يكون «ملزِماً للأطراف كافة في أراضي دولة فلسطين، بما فيها حرية العمل السياسي والوطني وفقاً لأحكام القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة». ويشتمل المرسوم، الصادر أول من أمس والمكوّن من تسع مواد، على بند حول «إطلاق سراح المحتجزين والموقوفين والمعتقلين والسجناء على خلفية الرأي أو الانتماء السياسي، أو لأسباب حزبية أو فصائلية». كما ينصّ على «حظر الملاحقة والاحتجاز والتوقيف والاعتقال وأنواع المساءلة خارج أحكام القانون لأسباب تتعلّق بحرية الرأي والانتماء السياسي، وتوفير الحرية الكاملة للدعاية الانتخابية بأشكالها التقليدية والإلكترونية، والنشر والطباعة وتنظيم اللقاءات والاجتماعات السياسية والانتخابية وتمويلها... وفقاً للقانون».وتُطالب حركة «حماس» بتطبيق المرسوم الجديد «على أرض الواقع في الضفة الغربية»، مع أن النصّ يثير إشكالية الأمن داخل قطاع غزة، إذ بموجبه تتولّى الشرطة بلباسها الرسمي دون غيرها من الأجهزة «حماية مراكز الاقتراع والعملية الانتخابية في أراضي دولة فلسطين، وضمان سيرها بنزاهة... إضافة إلى توفير الدعم الكامل للجنة الانتخابات المركزية وطواقمها». إلا أنه لم يتّضح ما إذا كانت الشرطة في غزة معنيّة بالبند المتقدّم، وخاصة أن رام الله لا تعترف بالأجهزة الأمنية التي شكّلتها «حماس» بعد سيطرتها على القطاع. وفي هذا الإطار، تشير مصادر «فتحاوية» إلى أن اللجنة الأمنية، التي جاءت من الضفة إلى غزة الأسبوع الماضي، «حملت تصوُّراً يفيد بنشر عناصر من الشرطة السابقة التي حلّتها حماس داخل مراكز الاقتراع، فيما تتولّى الشرطة التابعة للحركة الأمن خارج المقارّ الانتخابية»، مستدركةً بأن «حماس» لم تردّ على هذا الاقتراح، طالبة إرجاءه إلى مباحثات الشهر المقبل في العاصمة المصرية القاهرة. لكن مصادر «حمساوية» كشفت أن الحركة «لا تزال ترفض أيّ مقترحات تتعلّق باستثناء الشرطة الموجودة في القطاع أو استبدال أخرى بها من عناصر السلطة السابقة لحماية الانتخابات».
في هذا الوقت، لا تزال الخلافات تعصف بـ«فتح»، إذ كشفت مصادر «فتحاوية» أن عباس كلّف عضوَي «اللجنة المركزية» للحركة، جبريل الرجوب وماجد فرج بمتابعة الشخصيات التي تنوي تشكيل قوائم منفصلة، وإعداد تقرير مفصّل حول هذه التحركات، تمهيداً للتعامل معها، سواء بالاحتواء أو بالفصل. وخلال الأيام الماضية، تبادَل التهديدات قادةٌ في «المركزية» مع عضو اللجنة نفسها، ناصر القدوة، لثنيه عن قراره مخالفة قائمة الحركة، لكن القدوة يقول إنه متمسّك برأيه على رغم لقائه عباس الأسبوع الماضي في رام الله. ويدعو الرجل، الذي يشكّل قائمة تضمّ «الحرس القديم»، إلى تغيير النظام السياسي الفلسطيني وتشكيل قائمة «فتح» بعيداً عن المحاصصات الداخلية التي قد تؤدّي إلى الخسارة في الانتخابات، ما يدفعه إلى الشراكة مع عدد من المستقلّين؛ أبرزهم رئيس الوزراء السابق، سلام فياض.
أعلنت «الجبهة الشعبية» قرارها المشاركة في جميع مراحل الانتخابات


في غضون ذلك، أعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بعد أيام من النفي والتأكيد، أنها ستخوض الانتخابات «وفق برنامجها السياسي، من دون أن تكون شريكاً في تكريس اتفاقات أوسلو المذلّة والكارثيّة، ولا غطاء لأيّ من إفرازاته»، مضيفة في بيان أمس: «لا تعني (المشاركة) بأي حال التكيُّف مع هذا الواقع، بل رفضه بالمطلق ومقاومته بكلّ السبل السياسية والديموقراطية والكفاحية». وقال البيان إن «هدف المشاركة مواجهة التفرُّد من القيادة المتنفّذة المتمسّكة بأوسلو، والدفع باتجاه بناء وتفعيل منظّمة التحرير وفق وثيقة الأسرى، وانتخاب مجلس وطني توحيدي يضمّ الجميع ويهدف إلى إعادة الحياة إلى القضية الفلسطينية». وبالتزامن، لوّح «حزب الشعب» بإمكانية تشكيل «قائمة اليسار الفلسطيني الموحّد» لخوض الانتخابات، مشيراً إلى «جهود للتوصُّل إلى اتفاق بهذا الخصوص».
لكن القضية الأهمّ، وهي تشكيل قائمة مشتركة بين «حماس» و«فتح»، لا تزال قيد الجدال. وفيما أبلغت الأولى، الأخيرة، أنها لم تُقرّر بعد الدخول في قائمة مشتركة معها أو أيّ شكل من القوائم، تكشف مصادر «حمساوية» أن هناك رفضاً داخلياً لدى قواعد الحركة ومجالسها الشورية لأيّ شراكة مع «فتح»، مع أن هذا القرار لم يُبتّ بعد. وتداركاً للسيناريوات المحتملة، أرسلت السلطة رسالة «تعريفية وتطمينية» تتعلّق بالانتخابات إلى الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي، قالت فيها إن «جميع الفصائل المشاركة في الانتخابات، بما فيها حماس، ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبالمقاومة الشعبية السلمية، وبمعايير القانون الدولي، وبمنظّمة التحرير بصفتها المظلّة السياسية والممثّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وبالتداول السلمي للسلطة».
ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أرسل الخطابَ وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، إلى رئيس الملفّ الإسرائيلي ــــ الفلسطيني في إدارة جو بايدن، هادي عمرو، قائلاً له، بعد طلب أميركي للاستيضاح، إنه «في ضوء هذه الاتفاقات، قرّر عباس نشر الأمر الرئاسي الخاص بالانتخابات البرلمانية والرئاسية والمجلس الوطني... وحماس موافِقة على هذه المبادئ». لكن مقالة للصحافية عميرة هاس، في «هآرتس»، قدّرت أن «فتح أمام انقسام، وقد يكون الحلّ إلغاء انتخابات المجلس التشريعي». وإلى حين نهاية الشهر المقبل، الموعد النهائي لتقديم قوائم المرشحين، على «عباس ورفاقه المخلصين بذل كلّ ما في وسعهم لمنع ما بدا حتمياً في الأسابيع الأخيرة، وهو انقسام فعلي في فتح ومواجهة مع رئيسين، إن لم يكن ثلاثة، يتنافسون ضدّ قائمة حماس الموحّدة».
إلى ذلك، ذكرت هيئة البثّ الإسرائيلية، «كان»، أن مسؤولين أوروبيين أرسلوا إلى عباس ما مفاده أنه إذا ألغى الانتخابات البرلمانية، فسوف يتقلّص دعم أوروبا للسلطة، لأنهم لن يكونوا قادرين على الاستمرار في قبول الوضع الذي يواصل فيه الاتحاد الأوروبي ضخّ الملايين إلى رام الله «من دون عملية ديموقراطية وتغيير».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا