تَعرّض وزير الداخلية في حكومة «الوفاق»، فتحي باشأغا، لمحاولة اغتيال في طرابلس أمس، وسط أنباء عن اشتباكات مسلّحة في مواقع عديدة بين قوات الأمن وميليشيات مسلحة، في أعنف أحداث تشهدها العاصمة ومحيطها منذ التوصُّل إلى قرار بوقف إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وبحسب رواية «الداخلية» الليبية، فإن سيارة مصفّحة فيها ثلاثة أشخاص اعترضت موكب باشأغا، لكن لم يتمكّن سائقها من الوصول إلى سيارة الوزير الذي يضمّ موكبه عشرين مركبة على الأقلّ. وفيما أُصيب أحد حرّاسه بجروح، قُتل أحد المهاجمين وهو يحاول الفرار، وضُبط اثنان آخران.محاولة اغتيال الرجل، الذي كان مرشّحاً سابقاً لرئاسة الحكومة الجديدة لكنه لم يَفُز، تأتي في وقت يستعدّ فيه لمغادرة منصبه، خاصة مع اعتزامه الترشُّح في الانتخابات المقبلة، ورفضه أيّ منصب في الحكومة الجديدة. ويرى كثيرون أن المحاولة تستبطن رسالة بأنه لن يُسمح بإخراج الميليشيات المنتشرة في طرابلس بمجرّد تشكيل الحكومة الجديدة، وهو التصوُّر المطروح الآن ضمن التمهيد لإخراج المرتزقة. مع ذلك، ثمة تشكيك في جدّية المحاولة وطريقة ارتكابها. على أيّ حال، حظيت الحادثة بإدانات واسعة، منها بيانات للسفارة الأميركية والتيارات السياسية، وسط مطالبات بالكشف عن الواقفين خلفها سريعاً وتقديمهم إلى المحاكمة، فيما التزم باشأغا الصمت حتى كتابة التقرير.
ما حدث يعيد الكلام حول قدرة الأجهزة الأمنية في طرابلس على حفظ الأمن، خاصة أن موكب باشأغا هو الأكثر تأميناً بين الوزراء والمسؤولين منذ مدة طويلة، وسط مخاوف من أن تكون محاولة الاغتيال بداية لاضطرابات تعرقل المسارات السياسية التي تسير جيداً إلى الآن. كما تصبّ الحادثة في صالح المطالبين بجعل سرت عاصمة للحكم مؤقتاً، بعيداً من طرابلس التي تعاني من خلل أمني، ولا سيما مع تزايد الخلافات بين الميليشيات، التي لم تُحسم كثيراً من أمورها العالقة، ومنها مستحقّات مقاتليها وآليات دمجهم في الجهاز الأمني بعدما تضرّر كثيرون منهم أخيراً نتيجة تخفيض الرواتب.
تَسلّم دبيبة 300 اسم ليختار من بينها وزراء حكومته الجديدة


سياسياً، وفي خطوة تمهّد لانعقاد البرلمان كاملاً للمرة الأولى منذ 2014، صارت سرت «جاهزة» وفق تأكيدات لجنة «5+5» العسكرية لاستقبال النواب من أجل منح الثقة لحكومة عبد الحميد دبيبة المنتخَبة عبر «ملتقى الحوار السياسي». وسيعلن دبيبة تشكيلته الوزارية بحلول نهاية الشهر الحالي، وسط مفاوضات مكثّفة لاختيار الأسماء. وتعهّد رئيس الحكومة الجديدة بالعمل على اختيار شخصيات لديها قبول في مختلف المدن لتفادي أيّ انقسام محتمل في حكومته، لكن لا تزال الترشيحات غير معلومة من جرّاء السرّية في المشاورات الجارية، مع اتّساع قائمة الترشيحات إلى أكثر من ثلاثمئة اسم قُدّمت إلى الرجل بعد اللقاءات مع تيّارات عديدة.
ودخلت أطراف عربية على مسار المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة، ولا سيما مصر والإمارات، مع مطالب بتشجيع الانتقال إلى سرت لتكون مقرّاً مؤقتاً للحكم، على أن تعود السلطة المنتخَبة في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل إلى العاصمة طرابلس، بعد إحراج الميليشيات منها وضبط السلاح، وهو المقترح الذي وعد رئيسا الوزراء و«المجلس الرئاسي» المنتخبان بدراسته.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا