منذ أربعة أشهر متواصلة، تنشر مواقع فلسطينية وأخرى مصرية، تساندها عشرات الصفحات على «فايسبوك» بإعلانات مموّلة، تقريراً تلو الآخر عن «تشغيل وتمويل حركة حماس لصحيفة الأخبار اللبنانية من أجل نشر موضوعات ضدّ السلطة الفلسطينية وحركة فتح». بدأت السلسلة في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حين نشرت صحيفة «الشارع النيوز» المصرية تقريراً بعنوان «الأخبار اللبنانية. أداة تضليل في يد الحمساويين» لكاتبة وهمية اسمها يارا المصري، نقلت فيه عن «مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية استناداً إلى عدد من ضباط الأمن رفيعي المستوى في السلطة أن حماس تشنّ حملة تضليل ضد السلطة في صحيفة الأخبار التي عُرفت منذ سنوات أن حماس تستخدمها». ثمّ في 17 كانون الأول/ ديسمبر، اتّهمت صحيفة تُسمّي نفسها «الصباح»، وهي موقع مغمور تابع للسلطة ويديره أشخاص محسوبون على المخابرات الفلسطينية برئاسة ماجد فرج، «الأخبار»، بـ«تلقّي تمويل من حماس لفبركة أخبار ضد السلطة بما يخدم دعاية الحركة ضد رام الله»، ناقلة أن «فتح خاطبت عبر ممثليها في لبنان الصحيفة من أجل تقديم اعتراض ضد ما تنشره من قصص بحق الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية، وفي المقابل لا تغطّي أي خبر يضرب حماس ما يشير إلى أن حماس هي من تدير هذه المؤسسة»، وهو تواصل لم يحدث بطبيعة الحال.
انطلقت الحملة منذ أربعة أشهر عبر أكثر من 50 موقعاً وصفحة تواصل

لم يقتصر الأمر على مواقع فلسطينية ومصرية، بل تعدّاها إلى مواقع وصفحات لبنانية أو تصف نفسها بأنها لبنانية. ففي إطار الهجمة الأخيرة التي تَعرّض لها موقع «الأخبار» بعد نشر وثائق تمسّ الإمارات والسعودية، قال موقع «beirutobserver» إن «مجموعة القرصنة الإلكترونية المجهولة أنونيموس وتحديداً الهاكرز من مؤيدي فلسطين اخترقت موقع الأخبار اللبنانية... لأنه يشكل منصة دعاية وتأثير لحماس»، مشيعة أن «مجرد زيارة الصحيفة يمكن أن يتسبب في سرقة متصفحيها الأمر الذي يسبب إحراجاً لعملائها!». كما ادّعى الموقع أن هناك مَن تواصل مع إدارة الصحيفة التي أحالتهم إلى وزارة الاتصالات اللبنانية، وهو أيضاً أمر لم يحدث. وفي الشهرين اللاحقين، تتابع نشر هذه الأخبار، لكن بصيغ مختلفة عبر صفحات أخرى، وكلّها عملت بمنطق «تحريض السلطات اللبنانية على الصحيفة»، علماً أنها استعملت توصيفات غير دقيقة لمسمّيات الأجهزة الرسمية في لبنان، أو أسماء أجهزة غير ذات اختصاص. اللافت أنه في الثالث من الشهر الجاري، نشر موقع مزوّر طبقاً للأصل عن موقع وكالة «فلسطين اليوم» (نطاق الموقع المزوّر مختلف عن الأصلي) خبراً مفاده أن القيادي في «حماس»، خليل الحية، يكتب في «الأخبار» باسم صحافي وهمي هو رجب المدهون. وادعى التقرير أن «خبراء سيبرانيين في قوى الأمن الداخلي درسوا الاختراق الذي حدث لموقع صحيفة الأخبار والتقارير المنشورة ضد السلطة ونقلوا معلومات لجهاز الأمن الوقائي في رام الله عن أن خليل الحية يعمل بجانب عمله الرسمي صحافياً وينشر تقاريره في بعض الجرائد المعروفة».
مع تتبعنا غالبية هذه المواقع والصفحات التي يزيد عددها على الخمسين، تبيّن أن جزءاً كبيراً منها مصدرها الضفة المحتلة، فيما حُجزت نطاقات المواقع المزوّرة في منطقتين: الضفة بأسماء أشخاص وهميين، ومصر بأسماء لشخصيات مصرية، ما يشير إلى أن الحملة تنطلق من مكانين، واحد يخصّ مخابرات السلطة، والآخر مرتبط بأذرع الإمارات الفلسطينية، خاصة أن محمد دحلان يشارك في الحملة منذ مدّة عبر عناصره في الداخل، كما في مصر وبيروت، ضدّ «الأخبار». وقد تكرّرت الأساليب نفسها في مهاجمة «حماس» عبر تزوير عدد من المواقع التابعة للحركة في غزة، وبثّ أخبار كاذبة إلى جانب الأخبار اليومية العادية لكي يبدو الموقع طبيعياً، ومنها: صحيفة «الرسالة»، وكالة «صفا»، صحيفة «فلسطين». وثمّة صفحات على «فايسبوك» متخصّصة في ترويج ما تنشره هذه المواقع، مثل: «أخبار لبنان»، «أخبار أونلاين»، «أخبارنا»، مع تركيزها على الجمهور في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن ضمن نطاقات تمويل المنشورات.



توضيح من «حماس»
ورد «الأخبار» هذا التوضيحُ من ممثّل «حماس» في لبنان، أحمد عبد الهادي، جاء فيه: «عطفاً على المقال الوارد في موقع مزوّر ينتحل اسم وكالة «فلسطين اليوم»، ويحمل عنوان: «مهمة القيادي في حماس خليل الحية السرية»، حيث يتّهم كاتبه الأخ المجاهد خليل الحية بانتحال صفة الكاتب رجب المدهون، الذي ينشر مقالات باسمه في صحيفة «الأخبار» متهجماً على السلطة الفلسطينية، حسب زعمه. وبعد مراجعة المسؤولين في صحيفة «الأخبار»، تم التأكيد على أن ما ورد في المقال غير صحيح ومفبرك، كما أنها لم تنشر أي مقال باسم الأخ القائد خليل الحية. ويهمنا نحن في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن نؤكد أيضاً أن المعلومات التي حملها المقال مفبركة وغير صحيحة، والهدف منها استهداف الحركة ورموزها، ولا سيّما الأخ المجاهد خليل الحية الحريص على ثوابت شعبنا الفلسطيني وعلى تحقيق الوحدة الوطنية».