واحدة من النقاط الخلافية البارزة بين الأحزاب والقوى السياسية العراقية، هي الإشراف الأممي على الانتخابات التشريعية المبكرة. زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، وبعض القيادات البارزة في «تحالف الفتح»، يرفضون أيّ إشراف مباشر باعتباره انتهاكاً لسيادة الدولة ومؤسّساتها، ودفعاً في اتجاه «التدويل». ويؤيّد هؤلاء مشاركة الأمم المتحدة في الاطلّاع على سير العملية الانتخابية، عبر زيارة مراكز الاقتراع وفرز الأصوات، من دون التدخُّل في آلية احتسابها أو نتائجها. في المقابل، يدافع زعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، عن الإشراف الأممي، بحجّة الحؤول دون تزوير الانتخابات من قِبَل الأحزاب المتنافسة. وفي هذا الإطار يقول: «لا أريد احتيالاً، لهذا السبب أَطلب تدخُّل الأمم المتحدة للإشراف عليها»، رافضاً في الوقت نفسه «تدخُّل باقي الدول الإقليمية والدولية في شؤوننا». أمّا الحكومة، برئاسة مصطفى الكاظمي، فتؤيّد هي الأخرى الإشراف الأممي، لكنها - حتى اللحظة - لم تعرب عن موقف واضح وصريح. وتتسلّح الحكومة بدعوة المرجع الديني، علي السيستاني، في كانون الأوّل/ ديسمبر 2019، إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بإشراف أممي، حمايةً لأصوات المقترعين من «التزوير والسرقة». إذ إن اعتماد قانون انتخابي يتيح تمثيل أكبر شريحة ممكنة من «المستقلّين، وفق ما دعت إليه «المرجعية»، يتطلّب «حماية النتائج»، وهذا ما تؤمّنه «الأمم المتحدة». موقفٌ يحاول الصدر الاستثمار فيه أيضاً، من أجل ضرب خصومه من حلفاء طهران، الذين يدركون، من جهتهم، أن الإشراف الأممي من شأنه «سلب» أصوات تصبّ في خانة مرشّحيهم، وتحجيم حضورهم، وتخسيرهم فرصة الصعود إلى منصّة الفائزين الأوائل. خلاصة الأزمة أن مختلف الأحزاب والقوى تدرك أن التزوير واقعٌ في الانتخابات المرتقبة، لكنها تعمل على خطّين: الأوّل الحدّ من حجمه بشتّى الوسائل لضرب خصومها؛ والثاني استثماره للظفر ببعض المقاعد، وزيادة عديد كتلتها.