غزة | مرّة أخرى، يدفع الضغط الخارجي السلطة الفلسطينية وحركة «فتح» إلى البحث عن حلول داخلية لاستعادة الدعم المالي من جهات عديدة. فبعد رضوخهما لضغوط الاحتلال الإسرائيلي الاقتصادية وعودة «التنسيق الأمني» العلني، تُناور قيادة السلطة والحركة مجدّداً لاستعادة الدعم الأوروبي، لكن هذا الدعم بات مشروطاً بتجديد «الشرعية» فلسطينياً. ومع تعثّر المصالحة الداخلية وعودة السلطة إلى المفاوضات مع العدو، تمارس رام الله ضغوطاً غير مباشرة على «حماس»، تستبطن تهديداً بالذهاب إلى انتخابات من دون إتمام المصالحة وبشرعية الفصائل المنضوية تحت مظلّة «منظّمة التحرير».وعلمت «الأخبار»، من مصادر «فتحاوية»، أن السلطة عمدت خلال الشهور الماضية إلى مراجعة الإجراءات التي اتخذتها أطراف في الاتحاد الأوروبي، خاصة في ما يتعلّق بدعم السلطة والمشاريع المُقدّمة من الاتحاد في الأراضي الفلسطينية، لكن أبرز المقترحات الأوروبية التي وصلت رام الله عبر ممثّلي التكتّل في المدّة الأخيرة حثّتها على تجديد شرعيتها وانتخاب مجلس تشريعي جديد (البرلمان) لزيادة الدعم الأوروبي. وكان الاتحاد عرَض على السلطة، في أكثر من مناسبة، تمويل الانتخابات الفلسطينية كلّياً، وهو ما عبّر عنه أخيراً الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في التكتّل، جوزيب بوريل، خلال اتصال أجراه مع رئيس السلطة، محمود عباس، قبل شهرين. ما برز قبل مدّة قصيرة هو رفض الأوروبيين زيادة الدعم للسلطة أو فتح مشاريع جديدة قبل إجراء الانتخابات، خاصة البرلمانية والرئاسية، ولا سيّما أن ولاية كلٍّ منهما انتهت منذ أكثر من 11 عاماً.
وفي ظلّ السياسات واللوائح الأوروبية الناظمة للدعم الخارجي، والقاضية بألّا يُمنح الدعم لحكومات غير ديموقراطية أو غير منتخبة، باتت السلطة مضطرة إلى الضغط على «حماس» من أجل إجراء انتخابات بعيداً عن المصالحة وعن موقف الحركة. وفي هذا الإطار، قال عضو «اللجنة المركزية لفتح»، صبري صيدم، إن «من الممكن اللجوء إلى انتخابات بعيداً من المصالحة في ظلّ موافقة فصائل منظّمة التحرير كافّة على التمثيل النسبي الكامل». هنا، يوضح المصدر «الفتحاوي» أن التفكير الآن يتركّز على إمكانية تجاوز موقف «حماس» وإيجاد طريقة يمكن بها إجراء الانتخابات، وتخطّي «عقبة غزة» التي يشترط الاتحاد الأوروبي أن يجري فيها الاستحقاق أيضاً. كذلك، طرح بعض أعضاء «المركزية» مقترحات قديمة تتعلّق بإجراء الانتخابات في الضفة فقط وتأجيلها في القطاع، أو إجراء الانتخابات إلكترونياً للغزّيين، وأخيراً ممارسة ضغط أكبر على «حماس» للذهاب إلى الانتخابات بصورة منفصلة.
وكان ممثّل الاتحاد الأوروبي، سفين بورغسدورف، شدّد، الأسبوع الماضي، خلال توقيعه مشاريع بنية تحتية لغزة بقيمة عشرة ملايين دولار، على أن «موقف الاتحاد يبقى ثابتاً وواضحاً بأن غزة جزء لا يتجزّأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة»، وأن «تواصل وقابلية الدولة الفلسطينية للحياة لن يتحقّقا من دون غزة». وقال بورغسدورف: «ليس فقط يجب إنهاء إغلاق غزة، ولكن الوحدة الفلسطينية صارت أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى، وبينما ندرك ضرورة تحقيق وحدة وطنية وشرعية ديموقراطية، فإن الأطراف السياسية الفلسطينية يجب أن تتجاوز خلافاتها ومضاعفة جهودها نحو انتخابات حرة وعادلة وشفافة».
يُذكر أن السلطة تريد إجراء انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني بشكل منفصل وفق جدول زمني، بينما تصّر «حماس» على إجرائها بالتزامن، وذلك خشية تنصّل «فتح» من الاتفاق في حال خسارتها «التشريعية»، كي لا تخسر مكاسبها السابقة في الرئاسة و«الوطني».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا