مرّة جديدة، تَدخل إيطاليا على خطّ المقترحات السياسية للتعامل مع الأزمة الليبية، والتمهيد للمرحلة الانتقالية التي يُفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات نهاية العام المقبل. وفي هذا الإطار، طرحت روما على اللواء المتقاعد خليفة حفتر مقترحاً لتحقيق التوافق بينه وبين رئيس حكومة «الوفاق الوطني»، فائز السراج. وعلى رغم أن المقترح الإيطالي جاء بعيداً من مسار الأمم المتحدة، وحتّى التوجّه الأوروبي الموحّد لدعم المفاوضات الأممية، لكن مناقشته لا تزال جارية لدراسة أوجه الاستفادة منه، خاصة أنه يعتمد على توافقات بين السراج وحفتر مباشرة، بدلاً من المفاوضات غير المباشرة عبر مؤيّديهما، سواء في اللجان العسكرية أم «ملتقى الحوار السياسي». وناقش حفتر تفاصيل المبادرة الإيطالية مع شخصيات من طرف حلفائه، على رأسهم مدير «المخابرات العامة» المصرية، عباس كامل، وذلك خلال زيارة الأخير الجمعة الماضي لبنغازي. وتبدي القاهرة حذراً إزاء مقترح روما الذي تراه غامضاً، كما تُشكّك في إمكان تنفيذه، علماً بأنه لا يتطرّق إلى الاتفاقات التي وقّعتها «الوفاق» مع تركيا، والتي تمثّل إحدى أبرز القضايا المثيرة للجدل.في هذا الوقت، لا تزال آلية اختيار شخصيات السلطة الانتقالية محور خلاف كبير. ومع أن البعثة الأممية أبدت مرونة في شأن ذلك، وألّفت لجاناً للعمل على الآلية المطلوبة بعد إخفاق الحوار حولها، إلا أن التفاوض الجدّي لن يتحقّق على ما يبدو إلّا بضغوط غير متوافرة حتى الآن، خصوصاً في ظلّ عودة الترقّب لما يجري في الميدان. هنا، تبرز تغييرات يجريها حفتر على تمركز قواته، في مقابل تغييرات موازية يقوم بها السراج في قوى الأمن، وآخرها إلحاق ميليشيا «الردع» برئاسة الحكومة مباشرة، لتصبح مسؤولة عن حمايته شخصياً. وهو بذلك فصلها عن وزارة الداخلية التي يتولّاها فتحي باشاغا. وعلى رغم العلاقة الوطيدة التي تجمع الأخير برئيس «الردع» عبد الرؤوف كارة، فإن وضعهما في منصبين متنافسين يعكس حالة الاستقطاب الحادّة في طرابلس بين قيادات السلطة، ولا سيّما مع سعي باشاغا إلى خلافة السراج.
على خطّ موازٍ، أخفق البرلمان الليبي في الانعقاد في جلسة عامّة في مدينة غدامس حيث كان يفترض أن يجتمع أمس، لكن مع الاتفاق على تواصل افتراضي بين النواب. والفشل في الانعقاد هذه المرّة يحاول النواب تبريره بجائحة "كورونا" لا الخلافات، خاصة بعد وفاة النائب عمر غيث قريمي بالفيروس وإصابة آخرين. وبينما يعدّ الخلاف قائماً بالأساس على جدول الأعمال ومناقشة التعديلات المقترحة على اللوائح الداخلية وانتخاب اللجان ورئيس البرلمان، يأمل مُمثّلو الأقاليم الثلاثة إنهاء الصراع خلال جلسات النقاش الافتراضي التي بدأت أمس وتستمرّ حتى نهاية الشهر الجاري، تمهيداً لانعقاد جلسة مع بداية العام الجديد، في خطوة تأتي استكمالاً لإطالة أمد المفاوضات من دون الاتفاق على جداول ملزمة. ويدفع نواب باتجاه وضع تصوّرات مبكرة لقانون الانتخابات وتنظيم الفصل بين السلطات، وهي القوانين التي ستكون ضرورية للمرحلة الانتقالية، من أجل المساعدة في تسريع ترتيبات الانتخابات التي تتمسّك الأمم المتحدة بموعدها من دون أن يكون هناك دليل حقيقي على إمكان انعقادها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا