باغت الجيش السوري ومقاتلو حزب الله المسلّحين المعارضين في بلدة رنكوس في القلمون في ريف دمشق. فبعد أن خاضوا خلال الأيام الماضية معارك عنيفة مع المسلّحين على التلال المشرفة على قرية الصرخة المجاورة، وبعد سيطرتهم على كل المرتفعات المطلّة عليها بحسب مصدر ميداني، فوجئ المقاتلون المعارضون أمس، بهجوم الجيش وحزب الله اللذين أنهيا خطة اليوم الأول من العملية العسكرية.
واكّدت مصادر متابعة لمعارك القلمون أن «معركة رنكوس ستُحسم سريعاً. وإن لم يفر المقاتلون المعارضون من البلدة، فإن معركة تحريرها ستنتهي خلال فترة قصيرة قد لا تُقاس بالأيام». ولفتت المصادر إلى انه صار بالإمكان الحديث عن أن رنكوس كمعركة انتهت، وبدء إعداد العدة لتحرير باقي البلدات القلمونية، وأبرزها معلولا، قبل الانتقال إلى حسم عسكري أو مصالحة جدية في بلدة الزبداني المحاذية للحدود اللبنانية (ريف دمشق الغربي). وبموازاة ذلك، بدأت معركة الحسم في غوطتي دمشق، تمهيداً لإنهاء الوجود العسكري للمعارضة في ريف العاصمة.
مصدر ميداني شرح لـ«الأخبار»، عن بدء عملية رنكوس أمس «بقصف تمهيدي بالطيران والمدفعية منذ الصباح ضد أماكن وجود قيادات في قلب المدينة وأطرافها واستهداف الدفاعات الموجودة على التلال».
وبعد القصف العنيف، تقدّم الجيش ومقاتلو حزب الله وخاضوا «معركة المرتفعات الجنوبية التي كانت شرسة، والتي أدت إلى مقتل عدد كبير من المسلحين». وتمت بعدها السيطرة على تلة الرادار الاستراتيجية في ريف دمشق، أو ما يعرف بمرصد صيدنايا. وتكمن أهمية هذه التلة في «كونها مرتفعاً عالياً يشرف على السلسلة اللبنانية ومدينة رنكوس»، يقول المصدر. ويضيف: «كان لا بدّ من السيطرة على هذه التلة للتقدّم، تمهيداً لدخول المدينة».
في موازاة السيطرة على تلة الرادار، «تقدّمت من جهة ثانية الوحدات من الناحية الشرقية للمدينة، كاسرة خطّ الدفاع الاولي للمسلّحين، فتمّت السيطرة على حي الإسكان وحي الجمعيات، ما دفع المسلّحين الى الهرب باتجاه مزارع رنكوس والمشفى ووسط المدينة»، بحسب المصدر الميداني الذي لفت، أيضاً، إلى أنّ «خطة اليوم الأول تمّت مئة في المئة»، بانتظار استكمال ما بقي من الخطة للسيطرة بشكل كامل على المدينة. ولا يزال مقاتلو المعارضة موجودين في بعض المناطق الجبلية المحاذية للحدود اللبنانية في القلمون، وإلى الجنوب في رنكوس وبعض القرى الصغيرة المحيطة في تلفيتا وحوش عرب وعسال الورد ومعلولا.
على صعيد آخر، لم تتوقّف الاشتباكات في المليحة وجوبر في الغوطة الشرقية للعاصمة، في وقت كثّف فيه الجيش غاراته الجوية على مقارّ المسلّحين في دوما. وأدّت الاشتباكات الى مقتل العشرات من «جيش الإسلام» التابع لـ«الجبهة الاسلامية» في المدخل الغربي للبلدة، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا». وفي دوما، قتل عدد من المسلحين في قصف جوي استهدف مزارع عالية.
وفي سياق آخر، استمر سقوط قذائف الهاون على أحياء العاصمة، حيث سقطت أمس قذائف على مناطق البرامكة والمعارض القديمة والروضة في دمشق، أدت إلى وقوع اصابتين.
المعارضة تسيطر
على مستودعات
الذخيرة في التل الأحمر في القنيطرة

وفي القنيطرة، جنوباً، استمرت الاشتباكات بين مسلحي «الجبهة الاسلامية» و«جبهة النصرة» و«لواء أحرار جولان» من جهة والجيش السوري من جهة ثانية، بعد سيطرة المسلحين على التل الاحمر الغربي أول من أمس. وأعلنت غرفة عمليات «صدى الانفال» أمس، أنها «سيطرت على ثلاثة مستودعات ذخيرة تابعة للجيش»، ناشرة صور الذخيرة التي حصلت عليها. كذلك زار، أمس، قائد «الألوية» المشاركة في هذه المعركة، المدعو محمد الخطيب، «لمتابعة سير المعارك بنفسه»، بحسب ما نقلته المواقع التابعة للمعارضة، من خلال صور له مع المقاتلين. ولم تقتصر أهمية المعارك في ريف القنيطرة لدى المعارضة المسلّحة على زيارة قائد «الألوية» فقط، بل صرّح أيضاً قائد «جبهة ثوّار سوريا» جمال معروف، في حديث لموقع «إيلاف» السعودي، بأن «الجبهة حقّقت انتصارات ميدانية أخيراً، وخاصة في ريف القنيطرة». وأكّد معروف أن مقاتليه «استهدفوا في القنيطرة معقلاً لقوات النظام في تل احمر من قبل سرية تابعة للجبهة».
وفي حلب، شمالاً، استشهد 4 مدنيين وأصيب 15 آخرون جراء اعتداء بقذائف الهاون على حي حلب الجديدة بحسب ما ذكرت «سانا»، في وقت تواصلت فيه الاشتباكات بين الجيش والجماعات المسلحة المعارضة في ضاحية الراشدين الرابعة. وفي سياق آخر، أعلن «لواء يوسف العظمة» في إدلب، انسحابه من «جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف، وانضمامه إلى «حركة أحرار الشام الإسلامية» من دون ذكر سبب الانسحاب.

الجيش السوري يتقدم في الوعر

على صعيد آخر، شنّت وحدات من الجيش هجوماً معاكساً في حيّ الوعر الحمصي، بعد صدها محاولات المسلحين للهجوم على المستشفى العسكري وسط الحي وحواجز الجيش القريبة. وأكد مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن الجيش بات على مشارف تحرير الجزيرة السابعة، حيث تدور الاشتباكات حالياً على الخطوط الأخيرة للجزيرة المذكورة، للسيطرة على أبراج عدّة يتمركز داخلها قناصو المعارضة. كذلك فشلت محاولات المسلحين في المدينة القديمة لإحداث خرق للحصار المفروض عليهم من قبل الجيش.
وفي سياق آخر، تقرر دفن جثمان الأب الهولندي فرانس فان در لوخت داخل حديقة دير الآباء اليسوعيين في بستان الديوان، بسبب عدم إمكان نقل الجثمان جراء الأوضاع الأمنية المتوترة، حسبما أكد مصدر رسمي لـ«الأخبار». وتقام جنازة الأب اليسوعي، الذي قضى أول أمس على أيدي مسلحين، في دير المخلص بحي النزهة في مدينة حمص.
وفي الريف الشمالي لمدينة اللاذقية، أعلن الجيش السوري سيطرته على جبل الحرامية جنوب جبل النسر، المشرف على بلدة كسب السياحية، والذي ما زال يشهد اشتباكات عنيفة. وكان قد سقط 13 مسلحاً في كمين نصبه عناصر الجيش السوري في محيط الجبل المذكور.