غزة | يواصل العدو الإسرائيلي استغلال كلّ ما يتعلّق بقطاع غزة وحالة سكّانه الاقتصادية والمعيشية وأخيراً الصحية ليبتزّ المقاومة في ملف جنوده الأسرى لديها، وآخر ذلك ربطه إدخال لقاحات فيروس «كورونا» المستجدّ إلى القطاع بقضية الجنود، مخالفاً بذلك أدنى الالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي وحتى في «بروتوكول باريس الاقتصادي» المُوقّع مع السلطة الفلسطينية عام 1994. واللافت أن الاحتلال أعطى موافقة على تحويل أربعة ملايين جرعة من اللقاح الروسي إلى الفلسطينيين، في وقت رفض فيه إعطاءه لسكانه «لأسباب صحية»، علماً أن «بروتوكول باريس» يمنع إدخال الأدوية إلى «المناطق الفلسطينية» إلا بعد «اجتياز اختبارات عملية في إسرائيل» وإجازة استخدامها لديها. وفي الأيّام الأخيرة، عُقدت لقاءات بين مسؤولين في رام الله ونظرائهم الإسرائيليين للتباحث حول إدخال اللقاحات إلى مناطق السلطة، لكن العدو استغلّ اللقاءات للضرب على أكثر من وتر خاصة ملف الجنود الأسرى، مع إبدائه في الوقت نفسه الموافقة على إدخال اللقاحات، لكن الروسية على وجه التحديد. هذا القرار استفزّ عدداً من منظّمات حقوق الإنسان بما فيها «أطباء من أجل حقوق الإنسان» الإسرائيلية التي رأت أنه مخالف للقانون الدولي، وأن «إسرائيل (لا تزال) تتحمّل المسؤولية القضائية والأخلاقية والإنسانية تجاه الفلسطينيين بصفتها سلطة الاحتلال». وجاء في رسالة هذه المنظّمة أن «اتفاقية جنيف الرابعة تُلزم إسرائيل تطبيق واستخدام الوسائل الضرورية لوقف تفشّي الأمراض المعدية في المناطق المحتلة». كما دعت إلى أن يكون اللقاح للفلسطينيين هو نفسه الذي اجتاز الاختبارات الإسرائيلية وسيُحقن به الإسرائيليون.
يخالف العدو أدنى الالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي


ولم تتوقف سلطات الاحتلال عند هذا الحدّ، بل خلال اللقاء بين مسؤولين في وزارتَي الصحة الفلسطينية والإسرائيلية قبل أيام، حثّ «منسق عمليات الحكومة في الأراضي المحتلة»، اللواء كميل أبو ركن، السلطة على «عدم التردّد، والإسراع في شراء اللقاح». وطبقاً لقناة «كان» العبرية، وعلى رغم أنه لا يُعرف ما إذا كان هناك قرار لدى إسرائيل بنقل لقاحات خاصة بها إلى السلطة، تقول «مصادر دولية» إن تل أبيب لن تكون عقبة أمام نقل التبرّعات باللقاح من الخارج إلى الضفة والقطاع. وفي هذا الإطار، أَبلغت رام الله، تل أبيب، أنها بصدد إعطاء اللقاح لـ60% من الفلسطينيين إذ لن يتلقّاه الشبان والأطفال في المرحلة الأولى، مضيفة أنها ستحصل على 20% من اللقاحات من منظمة دولية تحمل اسم «كوباكس»، ستكون مخصّصة للطواقم الطبية وهيئات الطوارئ والسكّان المعرّضين للخطر بمن في ذلك كبار السن والمرضى، لكن الموافقة على هذا التبرّع لن تكون قبل نهاية الربع الأول من العام المقبل.
وتشهد الضفة وغزة ارتفاعاً كبيراً جدّاً في الإصابات بالفيروس، إذ تُعدّ الموجة الحالية هي الكبرى مقارنة بما سبقها، بعدما تعدّت نسبة الإصابات الإيجابية في غزة وحدها قرابة 50% من مجمل الفحوص التي تجريها وزارة الصحة، ما يشير إلى تفشٍّ واسع وكبير جداً، فيما يعاني القطاع الصحي من قلّة في الإمكانات المادّية والبشرية للتعامل مع الجائحة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا