رام الله | موجة من الغضب العارم تجتاح أوساط حركة «فتح» في غزة، بعدما أُميط اللثام عن تحويل عدد لا بأس فيه من مسؤولي الحركة والسلطة الفلسطينية في القطاع قيود رواتبهم إلى مرتبات الضفة المحتلة، وهي ما تسمى في عرف السلطة بالمحافظات الشمالية، ليحصلوا بذلك على رواتب كاملة، عقب سنوات طالب فيها موظفو غزة بوقف التمييز في الرواتب بين الضفة والقطاع، جرّاء الخصومات التي طاولت رواتبهم منذ آذار/ مارس 2017. على أن الأمر لا يقتصر على التطلّع إلى رواتب كاملة فقط، وإنما يوحي بِنيّة السلطة شنّ حملة عقوبات خطيرة على الغزّيين، ولذلك يريد أن ينجو الكادر الأساسي للحركة والسلطة منها.تكشف مصادر مطلعة أن القصة بدأت بالتحرّي حول السبب وراء صمت قيادات السلطة في غزة على الوضع الحالي في شأن التمييز في الرواتب (حالياً يحصل موظفو غزة على 70%)، ليَتبيّن أن هؤلاء حَوّلوا قيودهم إلى «المحافظات الشمالية»، وهم تقريباً أعضاء «المجلس الثوري» كافة، إضافة إلى أعضاء ثلاثة أقاليم فعّالين يبلغ عددهم أكثر من 360 شخصاً. وإلى جانب ذلك، تكشّف إرسال هؤلاء أبناءهم في دورات عسكرية تنتهي بترفيعهم. كانت هذه القيادات تقول في الغرف المغلقة إن رئيس السلطة، محمود عباس، ورئيس الوزراء، محمد اشتية، هما السبب في معاناة موظّفي غزة، قبل أن تصل إلى تسوية لأوضاعها.
ويفصّل مصدر آخر (طلب ألّا يُذكر اسمه) أن بين هؤلاء أعضاء «الثوري» في غزة، ومسؤولاً في «هيئة الشؤون المدنية»، إضافة إلى عضو هيئة قيادية ووزير وأعضاء في «اللجنة المركزية» وفي «المجلس الوطني» و«اللجنة التنفيذية» في «منظمة التحرير»، وكذلك محافظون، برز منهم المتحدث باسم الحركة في غزة سابقاً فايز أبو عيطة ومتحدّث آخر هو إياد نصر. كما حوّل بعضهم قيود سائقيهم ومرافقيهم، في وقت اشترى فيه أحد المحافظين أرضاً مساحتها 40 دونماً في منطقة أبو العجين. يستدرك المصدر نفسه: «بجانب منظومة الفساد، ما يقلقنا هو المستقبل القريب لموظفي غزة». ويتساءل: «هل تسرّبت معلومات إلى هؤلاء حول مصير الموظفين فاستشعروا الخطر واستبقوا الحدث!».
شملت القائمة قيادات رفيعة و360 كادراً من الأقاليم


وسبق أن فرضت السلطة خصومات على رواتب غزة بين 50% إلى 70% منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما أنها لم تعلن رغبتها في وقف خطوتها على رغم تسلّمها أموال الضرائب (المقاصّة) من العدو الإسرائيلي كاملة قبل أسبوع، بعد «حَرَد» دام سبعة أشهر رفضت فيها تسلّم الأموال، لترضخ أخيراً للشروط الإسرائيلية في شأن رواتب أهالي الشهداء والأسرى، علماً بأن مجمل الاتفاقات بينها وبين العدو تشير إلى أن هذه الأموال إذا لم تتسلّمها رام الله خلال ستة أشهر من تاريخها فإنها ستضيع عليها، أي أن السلطة كانت تعلم من البداية أنها ستعود لأخذها والرضوخ لأيّ شروط حولها.
تواصلت «الأخبار» مع أحد الذين ذُكرت أسماؤهم ضمن نقل قيود الرواتب، فردّ بأن «هذا الموضوع يهدف إلى إثارة أزمات بين إدارة الحركة (فتح) والجمهور»، مضيفاً أن تحويل الرواتب «يتعلّق بكيفية نظر الحكومة والوزارات إلى موظفيها، خاصةً أولئك الذين يقومون بمهامّهم وعلى رأس عملهم»، رافضاً نشر الأسماء على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن «الهدف خلق إرباك من أجل نزع الثقة من قيادة فتح خاصةً في هذا التوقيت». آخرون دافعوا من منطلق آخر هو حق «موظفي الشؤون المدنية أو الصحة وأفراد الأمن على المعابر الذين هم على رأس عملهم والذين لم ينقطعوا عن ممارسة مهامّهم بنقل رواتبهم على المحافظات الشمالية والحصول عليها كاملة». ماذا عن معاناة بقية موظفي غزة؟ يقول القيادي: «الأمر يحتاج إلى حلول شاملة لا حلول فردية، وتحدّثنا مع السيد الرئيس عن هموم غزة، وقال بالحرف الواحد: تحمّلونا». مع ذلك، تشير أوساط «فتحاوية» إلى قرار لدى «هيئة التنظيم والإدارة» التابعة للسلطة بمنع نقل القيود من المحافظات الجنوبية إلى الشمالية مع استثناء للعاملين في الأجهزة الأمنية من أبناء غزة ويسكنون في الضفة، وهو ما يثير سؤالاً عن كيفية تخطّي هذا القرار، ولذلك يرون القضية «فضيحة لا يجب السكوت عليها» و«شراء للولاءات».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا