أطلقت المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني ويليامز، صرخة بوجه المتفاوضين الليبيين على خلفية مماطلتهم في الاتفاق، مُحذّرةً من أن استنزاف الوقت ليس في مصلحتهم، بل في مصلحة مَن يُشغّلهم. جاء ذلك خلال كلمتها في افتتاح جلسات الاجتماع الافتراضي الثالث لـ»ملتقى الحوار السياسي»، حيث تحدّثت بلغة حادّة وغير مسبوقة مع الوفود المشاركة، متطرّقةً خصوصاً إلى مسألة القوات الأجنبية أو المرتزقة داخل الأراضي الليبية، الذين قَدّرت أعدادهم بعشرين ألفاً، واصفة وجودهم بـ»الانتهاك المروّع للسيادة»، ومنبّهة إلى أنهم يشكّلون «خطورة حقيقية» تنذر بإمكان تفاقم الأوضاع العسكرية في حال فشل الحوار.وتُعدّ هذه من المرّات النادرة التي تعلن فيها الأمم المتحدة إحصاءات مرتبطة بأعداد المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا، علماً بأن الرقم التقديري الذي أفادت به يُعدّ أعلى من ذلك الذي نشرته قوات خليفة حفتر، بالضعف تقريباً. وجرى نقل غالبية المرتزقة خلال الشهور الماضية من تركيا بموجب اتفاقات التعاون العسكري بين حكومة طرابلس وأنقرة. وعلى رغم الالتزام بترتيب أوضاعهم وتجميعهم تمهيداً لنقلهم خارج البلاد، بموجب اتفاق وقف النار الموقّع بين حفتر وحكومة «الوفاق الوطني» برعاية أممية، فإن هذا البند يواجه تعثّراً شديداً في التنفيذ بسبب مخاوف «الوفاق» من استغلال حفتر خروج المرتزقة للانقضاض على قواتها، فيما يخشى حفتر في المقابل من أن استمرار وجود المرتزقة ربما يمهّد لدمجهم ضمن قوات الأمن بموجب الاتفاقات المقبلة المتوقّع إبرامها.
للمرّة الأولى، تُعلن الأمم المتحدة إحصاءات مرتبطة بأعداد المرتزقة في ليبيا


من جهة أخرى، تناولت ويليامز الأزمة الإنسانية والاقتصادية، محذّرة من الفساد الإداري الذي أدّى إلى سوء الخدمات وتعطيل أكثر من نصف محطّات الكهرباء، فضلاً عن تفاقم المعاناة الإنسانية واحتياج نحو 1.3 مليون ليبي إلى المساعدات بحلول نهاية الشهر المقبل، على رغم الإمكانات التي تمتلكها البلاد، وتجعلها قادرة على تحسين أوضاع مواطنيها. وفي هذا الإطار، وصفت ويليامز المسؤولين في السلطة بأنهم «طبقة فاسدة مصمّمة على البقاء»، وتدفع البلاد نحو الانقسام، وجعلت الأجانب يتصرّفون بحرية مع إفلات كامل من العقاب، فضلاً عن استغلال المناصب وغيرها من التفاصيل التي تُصعّب الوصول إلى اتفاق نهائي يدعم التوجّه إلى الانتخابات، ويعالج الأزمات المالية المتفاقمة، ولا سيما سعر الصرف وتوحيد المؤسسات. وحتى الآن، تخفق اللقاءات بسبب الخلاف الجوهري حول آلية تسمية المرشّحين للمناصب السيادية بعد توحيد المؤسسات، وهو ما يدفع الأمم المتحدة إلى تصعيد لهجتها بوجه المتفاوضين الذين لا يزالون يدورون في الحلقة نفسها. ويهدّد الوضع الحالي المقترحَ الأممي بإجراء الانتخابات خلال كانون الأول/ ديسمبر 2021 بإشراف دولي، والذي يبدي الجميع ترحيباً نظرياً به، من دون اتخاذ أيّ خطوات تدعمه على الأرض.
في هذا الوقت، يسود الترقب بانتظار جلسة البرلمان الليبي التي يُتوقّع أن تُعقد في غدامس بعد انتهاء مفاوضات طنجة، لكن عدداً من النواب يبدي تحفّظه على أجندة الجلسة الغامضة حتى الآن، على رغم استمرار الترتيبات واللقاءات، سواء في طنجة أم بين بعض النواب الذين وصلوا بنغازي بالفعل خلال اليومين الماضيين لبحث أمور بينها ما جرى طرحه في لقاءات طنجة المستمرّة منذ الأسبوع الماضي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا