الجزائر | بدأت ملامح الانزلاق نحو العنف اللفظي والمادي تتسلل إلى يوميات الحملة الانتخابية لرئاسيات الجزائر، وخاصة بعد أحداث بجاية شرقي البلاد. أخذت نقطة التحول الكبيرة في مسار العملية الانتخابية شكلها مساء اول من أمس، عندما منع مناهضون لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة، مدير حملته وممثله في الجولات الانتخابية، رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال، من اقامة تجمع انتخابي في بجاية.
واضطر سلال إلى إلغاء تجمعه الانتخابي، تفادياً لانزلاق الوضع، وخاصة بعد الاعتداء على الصحافيين وإصابة عدد منهم، وحرق جزء من دار الثقافة وسط مدينة بجاية، التي كان مقرراً أن تحتضن التجمع، ونشوب مواجهات بين المحتجين والشرطة. وأحرق المحتجون صور بوتفليقة، ورفعوا شعارات تطالب بالتغيير السياسي في البلاد. الأحداث دفعت بالمرشح المنافس لبوتفليقة، علي بن فليس إلى اصدار بيان يعرب فيه عن آسفه «للجو المضطرب الذي تجري فيه الحملة الانتخابية»، مضيفاً أن «واجب الحقيقة يملي علي القول إنه لا شيء وضع كي تجري في جو هادئ وآمن». وفي اقل من 24 ساعة، انسحبت اعمال العنف من بجاية لتحط في تجمع انتخابي لانصار بوتفليقة في تيزي وزو، في منطقة القبائل، حيث طوقت الشرطة محيط دار الثقافة، مكان عقد التجمع بحضور سلال وأوقفت عشرين شخصاً. حركة بركات التي تقود منذ منتصف شباط الماضي سلسلة اعتصامات ضد الولاية الرئاسية الرابعة لبوتفليقة، تبرأت من أي صلة لناشطيها بهذه الأحداث. وأوضح القيادي في الحركة عبد الوكيل بلام، لـ«الأخبار»، أن الحركة تدين العنف مهما كان مصدره. ولفت بلام إلى «أن خيار الحركة ونهجها المعلن في برنامجها السياسي، هما العمل والاحتجاج السلمي». وليست احداث اليومين الماضيين المرة الأولى التي يتعرض فيها موكب سلال للرشق والمضايقات من قبل مناهضين للولاية الرابعة، فقبل أسبوع اضطر سلال إلى مغادرة تجمع انتخابي، وسط اجراءات امنية، بعد اقتحام عدد من الناشطين في لجنة البطالين للقاعة، كما تعرض موكب سلال للرشق بالحجارة في منطقة تبسة شرقي الجزائر، بسبب النكتة المثيرة التي أطلقها قبل أسبوعين بشأن الشاوية، وهم أمازيغ شرقي الجزائر. ولم يكن سلال وحده الذي تعرض لمضايقات، فقد استقبل معارضون لبوتفليقة وزير النقل عمار غول، ووزير الصناعة عمارة بن يونس، بشعارات رافضة للولاية الرابعة في مدينة بومرداس القريبة من العاصمة الجزائرية. ويتخوف مراقبون من أن تكون هذه الأحداث مقدمة لانزلاقات أكثر خطورة مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية في 17 نيسان الجاري. وتتخوف السلطات في الوقت نفسه من أحداث قد تحركها تنظيمات مدنية عشية الاقتراع أو خلال الأيام التي تليه بعد إعلان النتائج.
ولفت المتخصص في الخطاب السياسي فاروق معزوزي إلى أن بعض وسائل الإعلام تؤدي دوراً سلبياً في الفترة الأخيرة، من خلال تبنيها خطابا إعلاميا ليس فقط منحازا إلى مرشح او تيار معين، لكنه ايضا خطاب يتعرض لباقي الأطراف السياسية الأخرى بالقذف والنعت بأوصاف شتى. وهو ما يظهر جلياً في قنوات تلفزيونية محلية تدعم بوتفليقة. ورأى معزوزي، في حديث لـ «الأخبار»، أن «رد فعل الرافضين لترشح بوتفليقة، وإن كان مداناً من الناحية الأخلاقية والسياسية، الا أنه يفرض البحث في أسباب هذا التشنج وخلفياته».