القاهرة | تواجه « 6 إبريل» مآزق عدة في وقت واحد، ربما هي الأصعب على الحركة من تأسيسها قبل 6 أعوام، لعل ابرزها انشقاق بعض أعضائها وتأسيسهم جبهات مستقلة، أو انضمامهم إلى أحزاب سياسية مختلفة، أو صدور أحكام قضائية ضد عدد من أبرز شبابها، على رأسهم محمد عادل وأحمد ماهر، وأخيراً القضية التي يتنظر أن تصدر محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة اليوم حكمها فيها، والتي أقامها أحد المحامين مطالباً بحل الحركة.
ومعروف أن الحركة اشتقت اسمها من تاريخ إضراب لقلعة الغزل والنسيج المصرية «غزل المحلة» عام 2008، الذي عُدَّ شرارة انطلاق الحركة على أكتاف بعض الشباب، الذين أسهموا في الدعوة والحشد للإضراب، قبل أن يقرروا التأطر في إطار رسمي من خلال تأسيس الحركة، التي ارتفعت أسهمها بشدة بعد «ثورة 25 يناير».
«6 ابريل»، التي كانت جزءاً أصيلاً من الحراك الاحتجاجي ضد 4 أنظمة تعاقبت على حكم مصر في السنوات الأخيرة، بدءاً من الرئيس الأسبق حسني مبارك، أو عهد المجلس العسكري، الذي شهد الصدام بين الطرفين ذروته عقب بيان رسمي صدر على صفحة القوات المسلحة على موقع «فايسبوك»، يتهم الحركة بالوقوف وراء «مخطط الفتنة، التي تسعى إليها حركة شباب 6 أبريل، للوقيعة بين الشعب والجيش، والتي ما هي إلا هدف من أهداف تسعى إليها (الحركة) منذ فترة، وقد فشلت فيه»، كما شاركت الحركة في معظم الفعاليات الاحتجاجية ضد المجلس العسكري، وعلى رأسها محمد محمود ومجلس الوزراء، قبل أن تعود لدعم محمد مرسي في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، في مواجهة أحمد شفيق، قبل أن تنقلب عليه وتتظاهر أمام منزل الأول بـ «البرسيم»، وأمام منزل وزير الداخلية بـ «الملابس الداخلية الحريمي». وهي التي كانت في طليعة حراك «30 يونيو» المناهض لجماعة الإخوان، قبل أن تعود للتظاهر مرة أخرى ضد النظام الجديد الحاكم للبلاد الآن، احتجاجاً على قانون التظاهر، وهي التظاهرات التي أتت على ما بقي من العلاقة بين الحركة والنظام عقب «.3 يوليو». المنسق العام للحركة عمرو علي، أوضح أن الحركة منذ نشأتها حققت العديد من الأهداف، من أهمها المشاركة في الشرارة الأولى لثورة «25 يناير»، ومحاولة تقويض 60 عاما من الحكم العسكري، الذي أمم المجال العام على نحو كامل عبر إجبار مبارك ورموز نظامه على التنحي عن الحياة السياسية.
وأضاف علي، لـ «الأخبار»، إنه بالرغم من التراجع الذي حدث في مجال الحريات عقب «30 يونيو»، إلا أن هناك تراكمات ترسخت في الشارع المصري، داعمة للحرية والعدالة الاجتماعية. ومع استمرار الضغط في الشارع، سيكون لها مردود كبير يرفع سقف الحريات مرة أخرى.
وحول القضية التي تواجهها الحركة في المحاكم المصرية اليوم، قال علي إن «المشهد المصري الحالي معقد جداً، ويزيد من تعقيده الدور الذي تؤديه المحاكم في تصفية الخلافات السياسية بين الدولة ومعارضيها ممن يتمسكون بالمسار الديمقراطي، ويرفضون العودة إلى ما قبل 25 يناير، إلا أن الهدف الرئيسي للقضية هو التشويش على فعاليات الحركة وتظاهراتها، وبث روح الرعب في الشارع المصري مرة أخرى، وخاصة أنها ليست القضية الأولى من نوعها التي تواجهها الحركة منذ نشأتها».
وحول استعدادات الحركة لذكراها السادسة، قال المنسق العام للحركة رؤوف الشخيبي في محافظة البحيرة، لـ «الأخبار»، إن «التخطيط والتوجيهات المركزية يقضيان بأن تقام فعاليات وتظاهرات للحركة في المحافظات جميعها، لا في العاصمة فقط، رفضاً لقانون التظاهر الذي أقرته الحكومة قبل أشهر، على أن تكون المسيرات والتظاهرات بالتنسيق مع مراكز وجميعات حقوق الإنسان، لتسجيل وتوثيق أي اعتداءات من قبل قوات الداخلية على التظاهرات، التي لن تحصل على ترخيص من وزارة الداخلية بطبيعة الحال»، موضحاً أن الفعالية الرئيسية ستكون تظاهرة كبيرة تنطلق من أمام نقابة الصحافيين المصرية.
«6 ابريل» جزء أصيل من الحراك الاحتجاجي ضد 4 أنظمة حكمت البلاد
وأضاف الشخيبي إن «هناك تنسيقا بين الحركة وشباب حزب الدستور، وشباب 6 إبريل الجبهة الديموقراطية، وهي الجبهة المنشقة عن الحركة بهدف وضع آلية موحدة للعمل الجماهيري المشترك في ذكرى الحركة، دون أن يعني هذا التنسيق الاندماج بين القوى المشاركة فيه»، معلناً أن أبرز أهداف الحراك هو النزول لإعلاء مطالب «ثورة 25 يناير»، التي تتراجع وتتآكل كل المكتسبات التي حققتها، سواء شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية في ظل التأميم الكامل للمجال العام للحياة السياسية في مصر، أو الدور الذي يقوم به الإعلام المصري، الذي حرص على وصفه بـ «المثير للفتنة والمحرض على الدم».
بدوره، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، محمد أبو النور، أن «حركة 6 إبريل قامت كحركة منظمة شبابية، تراها الأنظمة فاسدة أو غير مناسبة لإقامة حياة ديموقراطية سليمة، هم يعدّون النظام الحالي والجاري تشكيله عقب 30 يوليو، أنه نظام جاء على ظهر دبابة وغير عادل ولا يستحق أن يصل إلى سدة الحكم»، واصفاً الإجراءات التي تتخذها الدولة ضد الحركة الشبابية بأنها إجراءات تزيد المرارات وتعمق الجراحات بين الحركة والنظام.
وحول تأثير الانشقاقات والاعتقالات والملاحقات القضائية التي تواجهها الحركة على مستقبلها، قال أبو النور لـ «الأخبار» إن «وتيرة الانضمام إلى الحركة الآن في ازدياد، فحتى إذا كان من بين أبنائها من اعتقلوا أو انزووا أو انشقوا، فإن الحركة تستقبل العشرات من الشباب الذين ينضمون إليها يومياً». ونفى وجود خطر يهدد الحركة بالانزواء أو الانقراض خلال الفترة المقبلة، بل على العكس، فإن الحركة ستؤدي دوراً في منتهى الأهمية في الشهور المقبلة، بحسب نبوءة أبو النور، الذي اعترف بوجود تراجع في أداء الحركة، التي أصبحت تقاد بـ«الإلهام» لا بـ «العقلية التنظيمية»، وخاصة بعد رحيل العديد من أبرز كوادرها أو تغييبهم في السجون، مثل عبد الرحمن عز وأحمد ماهر ومحمد عادل وطارق الخولي، إلا أن العقول المدبرة الموجودة في الحركة قادرة على تجاوز الأمر بحسب رأيه.