القاهرة | حسم الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الحديث المستجدّ عن إمكانية التصالح مع جماعة «الإخوان المسلمين» المصنّفة «إرهابية»، وذلك خلال حديثه أمس في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة احتفالات «انتصارات أكتوبر»، والتي حوّلها «الجنرال» إلى احتفالات بإنجازاته والمشاريع التي قام عليها. إذ كرّر السيسي رفضه المصالحة مع «الإخوان» لأنها «جماعة تَسبّبت في قتل المصريين على مدار السنوات الماضية»، معتبراً أن «التصالح على الاختلاف مقبول»، لكن التصالح على الدم أمر لا يمكن القبول به لأن هذا «ثأر للشعب» كما قال. لكن الرئيس حاول الردّ على الانتقادات التي يتعرّض لها من الجماعة وغيرها من المعارضين في الخارج، والتي بدا لافتاً اهتمامه برصدها والسعي إلى تفنيدها، واصفاً إيّاها بأنها «محاولة لهدم الدولة» وليس لمجرّد إقصائه من منصب الرئيس، قائلاً إن مَن في الخارج (ومنهم حكماً المقاول والفنان محمد علي) يسعون إلى «خلق الفوضى بإثارة المواطنين من أجل الخروج إلى الشارع والاعتراض»، في الوقت الذي «تعمل فيه البلاد بطاقتها القصوى... حَقّقنا في ستّ سنوات ما يعادل ما جرى تنفيذه على مدار 20 عاماً»!وفي واقعة نادرة الحدوث علناً، انتقد السيسي، ضمناً، سياسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، باعتباره أن الغطاء النقدي المصري الذي كان يُعدّ الأكبر في العالم استُنزف في حرب من 1962 حتى 1968، مضيفاً أن ما شهدته البلاد طوال العقود الماضية من تبعات اقتصادية جاء نتيجة هذا الاستنزاف الذي ادّعى أنه يعمل على وقفه منذ وصوله إلى السلطة. وإذ كرّر لومه الإعلام كونه «لا يركّز على الإيجابيات»، فهو أشاد بالدراما المصرية بعدما قَرّر تكريم أبطال مسلسل «الاختيار» المعروض في رمضان الماضي لأنهم «نجحوا خلال شهر في ما فشل فيه الإعلام على مدار سنوات». وكعادته في ثنائية «أنا أو الفوضى»، جدّد الرئيس تحذيره من الفوضى على غرار ما حدث بعد «ثورة 2011»، خاصة أن «الواقع المرير الذي نعيشه يحتاج سنوات لتحسينه»، ولا سيما مع «احتياج الدولة إلى عشرة أضعاف موازنتها الحالية».
يواصل النظام حملته لجزّ أموال رجال الأعمال بالمساومات والتهديد


وفي وقت رفض فيه الاعتراف بأي خطأ ارتُكب في عهده، حاول تقديم المزيد من الشروحات حول كيفية إدارته الدولة، مدافعاً هذه المرّة عن «الأجهزة المعاونة» التي تتعرّض لانتقادات كبيرة حتى من مؤيّديه، بسبب سياستها في اختيار القيادات والمرشحين المرجّح فوزهم في الانتخابات، واعتمادها معايير مزدوجة، وإبعادها أهل الكفاءة لحساب أصحاب الأموال. وهؤلاء الأخيرون لا يزال نظامه يواصل سعيه للحصول على مزيد من أموالهم سواء الموجودة خارج مصر أو داخلها، ومن بينهم مثلاً رجل الأعمال المقرّب من الولايات المتحدة والإمارات، صلاح دياب، الذي أُفرج عنه قبل مدّة عقب توقيفه الشهر الماضي على خلفية معاملات مالية مع الدولة التي تطلُب منه تسديد نحو مليار دولار كمستحقّات ترى أنه تَخلّف عنها، علماً أنه واحد من مجموعة رجال أعمال انخرطوا في تسويات بالفعل من دون إعلانها. وفي هذا الإطار، تفيد مصادر «الأخبار» بأن التفاوض المادّي شمل رجال أعمال آخرين يجري تخييرهم بين الدفع أو الحبس ومصادرة ما يمتلكونه. على أن الأهمّ في كلام المصادر نفسها إشارتها إلى «عودة العلاقات المصرية - الإماراتية إلى سابق عهدها عقب إزالة أسباب التوتر المرتبطة بالإخوان وتركيا خاصة»، بعدما أدّى التنسيق المباشر بين القاهرة وأنقرة، أخيراً، إلى جملة تفاهمات سرعان ما استنفرت كلّ من الرياض وأبو ظبي، رغم أن المصريين لم يكونوا جذريين فيها بقدر ما أرادوا استخدامها كـ«ورقة رابحة» بوجه بقية دول «الرباعي العربي» (راجع: السعودية والإمارات تستنفران: بداية تفاهم تركي - مصري، 18 أيلول 2020).

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا