امتعاض أميركي كبير من الخطوات الفلسطينية الإسرائيلية التي «لا تساعد» في جسر الهوة في موقف الطرفين، عبرت عنه واشنطن أمس، معلنة في الوقت نفسه تمسكها بجهودها في هذه القضية على ما ظهر من اتصال وزير الخارجية جون كيري بالرئيس محمود عباس الذي ارتقى خطوة في تصعيده مع تقديم طلبات الانتساب رسمياً إلى 15 من منظمات الأمم المتحدة، من دون إغلاق الباب أمام امكانية المضي في المفاوضات.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، من بروكسل أمس، إن بلاده تواصل جهودها لإعادة محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية لمسارها، رغم خطوات من الجانبين «لا تساعد». وأوضح أن «الجانبين اتخذا خطوات لا تساعد خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. ولكن لم يعط أي من الجانبين أي مؤشر على الرغبة في إنهاء المفاوضات». وأضاف: «سنواصل خلال الأيام القليلة المقبلة النقاش مع الجانبين حول الخيارات المتاحة للمضي قدماً».
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» أن كيري بحث في اتصال هاتفي مع عباس المستجدات السياسية، وجرى «الاتفاق على استمرار الاتصال في الايام المقبلة»، مشيرة الى ان عباس اكد «التزام الجانب الفلسطيني المرجعيات الدولية لتحقيق السلام الشامل والعادل».
وسلّم وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، رسمياً أمس، وثائق انضمام بلاده إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إلى الجهات المختصة، بحسب بيان صادر عن الخارجية الفلسطينية. وأوضح البيان أن المالكي سلم الوثائق لكل من: روبرت سيري، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، وبول غارنيير، ممثل الاتحاد السويسري، ولنائب ممثل المملكة الهولندية، الموجودين جميعهم في مقارّ لهم في رام الله.
وكان عباس قد وقع أمام وسائل الأعلام أول من أمس، أوراق انضمام بلاده إلى 15 معاهدة ومنظمة دولية. وقال بيان الخارجية الفلسطينية، إن «القرار الفلسطيني هذا، جاء بعد أن رفضت الحكومة الإسرائيلية الإفراج عن الدفعة الرابعة (الأخيرة) من الأسرى الفلسطينيين (القدامى)، كما هو متفق عليه أميركياً وفلسطينياً وإسرائيلياً، كاستحقاق ملزم لإسرائيل مقابل تأجيل التوجه الفلسطيني للمنظمات الدولية».
واكدت الامم المتحدة ان روبرت سيري تسلم من القيادة الفلسطينية طلبات الانضمام الى 13 اتفاقية او معاهدة دولية في الامم المتحدة. واوضح مساعد المتحدث باسم المنظمة الدولية فرحان حق، انه فور احالة هذه الطلبات الى مقر الامم المتحدة رسمياً «سندرسها وسنحدد طريقة متابعتها». واضافة الى 13 اتفاقية او معاهدة، طلبت السلطة الفلسطينية من جهة اخرى من سويسرا امكان الانضمام الى اتفاقية جنيف الرابعة الموقعة في آب 1949 وإلى اول بروتوكول اضافي لها، ومن هولندا امكان الانضمام الى اتفاقية لاهاي الموقعة في تشرين الأول 1907 المتعلقة بالقوانين واعراف الحرب ميدانياً. وفي السياق، قال ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن أية مفاوضات قادمة مع الجانب الإسرائيلي يجب أن تتركز على ترسيم حدود دولة فلسطين وفق المرجعيات الدولية، معتبراً توقيع فلسطين على الانضمام إلى 15 منظمة ومعاهدة دولية «خطوة أولى لتكريس دولة فلسطين دولياً»، واصفاً هذا القرار بأنه «حق لفلسطين جرى تأجيله ولن يُلغى». وقال: «نحن كقيادة فلسطينية، في ضوء الخبرة خلال التسعة أشهر، لا نستطع الاستمرار في دوامة فارغة، وأي مفاوضات قادمة يجب أن يُبحث فيها ترسيم الحدود الفلسطينية على أساس القرارات الدولية، التي اعترفت بدولة فلسطين على الحدود المحتلة عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها، خلال مدة زمنية تراوح بين شهرين إلى ثلاثة أشهر».
وأشار إلى أن «القيادة مستعدة للمفاوضات مرة أخرى، لكن وفق أسس واضحة تفضي إلى إقامة دولية فلسطينية»، لافتاً في هذا الصدد إلى أن «القيادة الفلسطينية لا تريد فشل مهمة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري».
ولفت عبد ربه إلى أن «القيادة الفلسطينية ستتابع خلال الأيام المقبلة مع الإدارة الأميركية الجهود، وستبذل كل ما تستطيع عمله لإزالة أية عوائق وعقبات». ورأى المسؤول الفلسطيني أن ربط موضع إطلاق سراح الأسرى وتمديد المفاوضات، أمران منفصلان. إلى ذلك، دعت الجامعة العربية الى اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية في التاسع من نيسان لبحث مستجدات المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية المتعثرة، حسبما قال امينها العام نبيل العربي أمس.
وقال العربي ان الاجتماع جاء بطلب من عباس، مضيفاً أن الاجتماع يأتي «لبحث مستجدات القضية الفلسطينية في ضوء رفض اسرائيل الافراج عن الدفعة الرابعة من الاسرى الفلسطينيين وتمديد المفاوضات».
(الأخبار، الأناضول، ا ف ب، رويترز)