القاهرة | اعتمد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، التعديلات الجديدة على قانون «هيئة الشرطة»، والتي دخلت حيّز التنفيذ فوراً بعد نشرها في «الجريدة الرسمية»، لتُعزّز سريعاً قبضة الرئيس ووزير الداخلية على الأجهزة المهمّة، وفي مقدّمها «الأمن الوطني» الذي قَوِي نفوذه بصورة غير مسبوقة. وتَوسّعت، بموجب التعديلات الأخيرة، صلاحية «المجلس الأعلى للشرطة»، الذي صارت سلطته تقديرية في اتخاذ قرار في شأن الضابط الذي يجري نقله أو يستقيل ويطلب العودة إلى العمل؛ إذ سيكون من حقه وحده إعادته في هذه الحالة من دون النظر إلى التقارير السرّية في شأنه، وفق ما كان ينصّ عليه القانون الذي اشترط تقدير «جيد» على الأقلّ عن آخر عامين، وهي خطوة ستفتح باباً لضبّاط كثيرين اضطروا إلى الاستقالة من أجل تسوية أوضاعهم أو الترشّح للانتخابات كي يعودوا من دون شروط. أيضاً، أصبح من حق المجلس (من أقدم أعضاء هيئة الشرطة) عزل الضباط من وظائفهم بشكل نهائي، في خطوة ستُعزّز عملية الإقصاء بحق بعض الضباط في مواقع عدّة نتيجة مواقفهم السياسية أو خلفياتهم العائلية، وستقصي جهات قضائية أخرى من المشهد. كذلك، أقصى التعديل منصب «النائب العام» ورئيس «محكمة استئناف القاهرة» من عضوية «مجلس التأديب الأعلى» المختصّ بمحاكمة الضباط الحاصلين على رتبة لواء، لتُضحي المحاكمة، حصراً، لدى رئيس «المجلس الأعلى للشرطة» وعضوية ثلاثة أعضاء يختارهم وزير الداخلية، إضافة إلى رئيس «إدارة الفتوى» في «مجلس الدولة»، في ما من شأنه، هو الآخر، أن يجعل المحاكمة سياسية لا قضائية.
تَعزّزت صلاحيّات هذا الجهاز بصورة تتخطّى ما للمخابرات وأجهزة أخرى


وعلى غرار استثمارات الجيش، بات من حق وزارة الداخلية الاستثمار بموجب التعديلات الجديدة، التي اعتبرت أموال الوزارة والجهات التابعة لها أموالاً عامة، وأنه في سبيل تحصيلها يمكن اتخاذ إجراءات الحجز الإداري، الأمر الذي يعني إمكانية مصادرة الممتلكات من أراضٍ وعقارات وأرصدة بنكية لِمَن تستحقّ عليهم أموال للوزارة. كذلك، سيكون لـ«الأمن الوطني» نصيبه من الاستثمارات، بعدما بات من حقه «التصرّف في المخلّفات الناتجة من أنشطته، وتشمل ما يتمّ ضبطه من أموال أو نقود أو ما يعادلها، واستخدام عائداتها في الصرف منها على أعمال الصيانة للمنشآت التابعة له»، بما يجعله وزارة داخل الوزارة، مستقلّاً بذاته عن أفرع الوزارة المختلفة. وعليه، يُعدّ «الوطني» (سابقاً «أمن الدولة») الفائز الأكبر من التعديلات؛ إذ أصبحت مهمّته «مكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة والخطيرة وما يرتبط بها من جرائم أخرى ومواجهة التهديدات التي تستهدف الجبهة الداخلية»، مع مشاركته في وضع سياسات الأمن ومتابعة تنفيذها، علماً بأن التعديلات منحته «أحقية طلب الاطّلاع أو التحفّظ على أيّ ملفات أو بيانات أو أوراق أو الحصول على صورة منها من الجهة الموجودة فيها هذه الملفات... بأمر قضائي مسبب»، في خطوة ستُعزّز نفوذ ضباط الجهاز بصورة غير مسبوقة.
ومن الإضافات اللافتة «أحقيّة رصد المشكلات التي تواجه الدولة وقياس اتجاهات الرأي العام في شأنها، ورفع تقارير إلى الجهات المعنية في الدولة لاتخاذ اللازم نحو حلّها واحتواء آثارها، مع إلزام الضباط المعيّنين في القطاع ولم تمضِ عشر سنين (على تعيينهم) أن يسدّدوا قيمة التكلفة الفعلية لنفقات الفرق والدورات التدريبية والتأهيلية والبعثات وغيرها ممّا حصلوا عليه لتأهيلهم للعمل في القطاع، في حال انتهت خدمته بالاستقالة أو بالنقل إلى وظيفة مدنية خارج وزارة الداخلية أو بناءً على رغبته». كما قُيّد التحاق الضباط بهذا الجهاز بـ«ضوابط محدّدة سيجري اعتمادها، مع أحقية رئيس الجهاز في نقل أيّ ضابط إلى جهة أخرى حال فقدانه الشروط الواجب توافرها... من وجهة نظره»، الأمر الذي يفتح باباً للتقييمات الشخصية. أيضاً، سيكون من غير المسموح لجميع المتقاعدين من الجهاز الإدلاء بأيّ تصريحات إعلامية أو معلومات من دون موافقة رسمية من الوزارة، التزاماً بقاعدة السرّية التامة حتى بعد انتهاء خدمتهم، مع تقييد ترشّحهم للانتخابات بموجب تصريحات مكتوبة من «المجلس الأعلى للشرطة». أمّا بقية التعديلات، فعزّزت صلاحية الضباط، وبينها إلغاء تعيين المدنيين في منصب مديري إدارات الموظفين المدنيين وتعيين ضابط شرطة على رأسها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا