في ميدان من أكبر ميادين العريش شمالي سيناء، ووسط تجمع سكني كثيف، هاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم «ولاية سيناء»، وفق بيان منسوب إليه، حاجزاً متحركاً للأمن المصري، وقتلوا أفراده من ضباط وجنود. المسلحون واجهوا قوة الكمين مترجلين وأمطروهم بوابل من نيران أسلحتهم المتوسطة والثقيلة، ثم تمكنوا من الاستيلاء على مدرعة اقتادوها لمسافة 200 متر وتركوها وغادروا المكان.
الهجوم على ارتكاز «العتلاوي» الأمني في مدينة العريش، الذي وقع في الساعة الأخيرة من ليل الأربعاء، أثار استياء المواطنين والقيادات الشعبية والسياسية في شمال سيناء، بسبب التراخي الأمني وفرار المسلحين دون إصابة واحدة في صفوفهم. طبقاً للمصادر الأمنية، أدى الهجوم إلى مقتل ثمانية من قوات أمن شمال سيناء، بينهم ثلاثة ضباط، أحدهم برتبة مقدم واثنان برتبة نقيب، وأربعة من المجندين بينهم عريف شرطة، كذلك أصيب ستة مجندين واثنان من المدنيين.
وتقول مصادر محلية إن هذه العملية هي الأولى من نوعها، فضلاً عن أنها الأولى منذ مدة كمون، فكل العمليات الماضية كانت من طريق تفجير بعبوة ناسفة، أو قذائف وجهت من أماكن بعيدة، مثلما حدث في الهجوم على الكتيبة العسكرية «101» في ضاحية السلام في العريش، أو بسيارات مفخخة اقتحمت مصدات الحواجز الأمنية وانفجرت. لكن يتضح من عدد الخسائر البشرية أن قوة الكمين فوجئت بالهجوم، ولم تكن مستعدة كما هو مطلوب.
يضيف شهود عيان أن قرابة 15 مسلحاً هاجموا الكمين من ثلاثة محاور، وأن الهجوم بدأ من المحور الأول من اتجاه محلات سهمود وتلاه من المحور الثاني من اتجاه حي الفواخرية ثم الهجوم من المحور الثالث من اتجاه الساحة الشعبية.
ووفق مصدر أمني ــ رفض ذكر اسمه ــ فإن القوات اعتادت التوقف في هذا المكان، والمسلحين استغلوا عناصر المفاجأة والمباغتة والسرعة الشديدة في تنفيذ جريمتهم بتخطيط محكم وتنفيذ منتظم، ما أربك قوات الكمين، إضافة إلى كثافة النيران من أسلحة نوعية ثقيلة وخفيفة، وكلها أدت إلى إنهاء مهمة المسلحين وفرارهم في وقت قياسي من موقع الهجوم.
ويقع ميدان العتلاوي، الذي شهد الهجوم في بداية شارع أسيوط، على بعد نحو 300 متر فقط من قسم ثالث العريش، وسط كتلة سكنية كثيفة، وأيضاً يبعد عن مركز المدينة نحو 100 متر فقط.
وينتقد آخرون حدوث العملية في منطقة شهدت حملات عسكرية كبيرة إضافة إلى وجود حواجز متحركة وتفتيش للبيوت طول الأسبوع السابق، بدءاً من مكان العملية، مروراً بشارع أسيوط (أحد شوارع العريش الكبيرة).
يتساءل الخبير الأمني العميد رشدي غانم، كيف استهدف العتلاوي برغم أن العريش محاصرة بالكمائن، وكيف «يصل هؤلاء الإرهابيون إلى وسط المدينة وأين يهربون بعد تنفيذ عملياتهم، وكيف يرصدون الكمائن المتنقلة والثابتة داخل المدينة ويخططون لتنفيذ عملياتهم وإيقاع شهداء وجرحى بين صفوف القوات؟». ويرى غانم أن «الخطط الأمنية لقيادات أمن شمال سيناء مترهلة وغير محكمة وقديمة، بالإضافة إلى غياب يقظة الضباط والأفراد في الخدمة، وانشغالهم بالحديث في الهواتف المحمولة وتصفح الإنترنت!».