دمشق | حدّدت وزارة التربية السورية تاريخ الـ13 من شهر أيلول/ سبتمبر الحالي موعداً لبدء العام الدراسي الجديد (2020/2021)، بعد تعليق العملية التعليمية لقرابة 6 أشهر، بسبب انتشار فيروس كورونا. وأرفقت وزارة التربية إعلانها بقائمة من التوصيات، شملت تحديد مهامّ المشرف الصحّي في المدرسة، عبر التأكّد من «وجود الصابون بشكل دائم على المغاسل وفي الحمامات، وقيام المستخدمين بالتنظيف المستمرّ لدورات المياه، وتعقيم مقابض الأبواب والمقاعد ونظافة البيئة المدرسية».وعلى رغم محاولات الوزارة المتكرّرة تطمين الأهالي، إلّا أنها لم تفلح في تبديد مخاوفهم التي لا تفتأ تتزايد كلّما اقترب موعد انطلاق العام الدراسي، خشية التقاط أطفالهم العدوى، لا سيما في المدارس الحكومية المكتظّة. وما يعزّز تلك المخاوف إدراك أولياء أمور الطلّاب حقيقة انتشار الأعطال التي تطال صنابير المياه ومقابض الحمّامات الصدئة، وانعدام الشروط الصحّية في الظروف العادية، فما بالك عند انتشار الوباء؟
مصدر حكومي مطّلع على الملف يكشف في حديث إلى «الأخبار» أن «المخصّصات التي رصدها الفريق الحكومي للتصدّي لفيروس كورونا بلغت حوالى 100 مليار ليرة، تشمل وزارة التربية، على أن يتمّ توزيع حصص المنظّفات والمعقّمات لكلّ مدرسة، مع مراعاة تقسيم الشعبة الواحدة إلى قسمين ضمن دوامين: الأول صباحي والثاني مسائي، بالإضافة إلى إلغاء مواد الموسيقى والرياضة والمعلوماتية والرسم».
تبدو الأوضاع في المدارس الخاصة أخفّ وطأة بفعل توافر تمويل أكبر


لكن مدير مدرسة حكومية في دمشق، فضّل عدم ذكر اسمه، ينفي في تصريح إلى «الأخبار» تسلّم أيّ أدوات تنظيف أو معقّمات أو كمّامات لغاية الآن، لافتاً إلى أن «الطامّة الكبرى تكمن في المشارب المعطّلة، والتي تحتاج إلى صيانة، وهي أصلاً قليلة إذ يبلغ عددها 10 صنابير مقابل 1000 طالب، مع الإشارة إلى أن وقت الاستراحة لا يتجاوز 15 دقيقة، ما يعني ازدحاماً خيالياً خلال هذه المدّة القصيرة، وكم من السهل جدّاً نقل العدوى!». بدورها، تحذّر إحدى المعلّمات من سرقة المخصّصات كما جرت العادة، وتقول: «بكرا فريق التصدّي للفيروس بيسرق من المخصّصات، وإذا ما سرقوها هنن، بتسرقها إدارة المدرسة وبياخدوها ع بيوتن، وكلّو ع حساب صحتنا وصحة ولادنا».

بين الحكومي والخاص
ثمّة علامات استفهام كثيرة حول قدرة وزارة التربية على تعقيم جميع المدارس الحكومية والقيام بالصيانات اللازمة والدورية. وفي هذا الإطار، لا تؤيّد إحدى المعلّمات عودة دوام المدارس إلى حين انحسار الفيروس، لا سيما في ظلّ وجود تلاميذ صغار يفتقرون إلى الوعي الكافي حول التعامل مع الجائحة. وتُنبّه إلى أن «المدرسة بؤرة العدوى، يُخشى على التلاميذ الصغار التقاط العدوى منها، فهم لا يدركون مفهوم التباعد الجسدي، ومن الصعب أن يستوعبوا أن تطلب منهم الإبقاء على قناع الوجه طوال ساعات». وتعتقد معلّمة أخرى، من جهتها، أنّ «من المستحيل ضبط مدرسة بكاملها من قِبل مشرف صحّي واحد، الأمر يحتاج إلى طاقم كبير من المشرفين، فالتلاميذ لديهم عادات سيئة كمشاركة قارورات المياه وتبادل الممحاة وأقلام الرصاص ووضعها في أفواهم».
بدورها، تناشد جانسيت وهي أمّ لتلميذين في المرحلة الابتدائية المعنيّين الاستماع إلى صوت الأهالي، مخاطِبةً إيّاهم بالقول: «الشغلة مو تجارب ولا مراهنات، هي أرواح، مو منهاج إذا ما زبط منقدر نغيّرو!». وتضيف الأم: «المدارس الرسمية تفتقر لأدنى معايير الصحة، وهي تخلو من التنظيم، والشعبة الواحدة تتضمن 60 طالباً، كلّ 3 تلاميذ يجلسون في مقعد واحد!».
على أن الأوضاع في المدارس الخاصّة التي تولي عناية لمسائل التنظيف والتعقيم وتنظيم حركة التلاميذ تبدو أخفّ وطأة. وهذا ما يُردّ، في جزء منه، إلى عامل التمويل المستند إلى الأقساط. تشير زينة، وهي والدة تلميذ في مدرسة خاصة، إلى «(أنني) أشعر بالاطمئنان على طفلي الوحيد في المدرسة الخاصة، فعدد التلاميذ في الشعبة الواحدة لا يتجاوز 22، وكلّ طالب يجلس في مقعده الخاص ولا يشاركه فيه أحد، ما يُقلّل فرص العدوى. كما تُواظب عاملات التنظيف على التعقيم بعد كلّ مرة تُستخدم فيها المراحيض، مع وجود طاقم صحّي يتولّى توجيه الطلاب والاعتناء بهم».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا