تلقّى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لطمة في السودان، حين تم إبلاغه أن الحكومة الانتقالية، التي يقودها عبد الله حمدوك، لا تملك تفويضاً لإعلان التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي.يرجّح أن لا يجد بومبيو مراده في المنامة، التي يصلها في الساعات المقبلة، حتى لو أعلنت البحرين إقامة علاقات مع إسرائيل، فلا مكاسب حيوية للدولة العبرية يمكن أن تتحقق من إعلان كهذا، وفق تحليلات غربية. بعض التقديرات كان يرجّح أن تمثل السودان «الصيد الثمين» الذي تسعى تل أبيب لاقتناصه بعد الإمارات، بالنظر إلى العداء التاريخي بين البلدين، والمكانة الرمزية للخرطوم، التي استضافت القمة العربية التي أعلنت اللاءات الثلاث «لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض»، بعد حرب 1967، فضلاً عما تمثّله السودان من ثقل جغرافي وسكاني.
بخصوص البحرين، فإن السؤال الذي يطرحه خبراء غربيون يتصل بضآلة المنافع المباشرة التي ستجنيها تل أبيب من إقامة علاقات علنية مع المنامة. فالعلاقات الأمنية بين الجانبين، اللذين يجمعهما عداء سافر لإيران، تحقق من وراء الستار تقدماً مكثفاً، ومن دون حاجة إلى إطار علني، بالضرورة. يستعبد محللون غربيون أن تقدّم إسرائيل تنازلات لصالح المنامة لم تقدّمها حين أعلنت تفاهماً مع أبو ظبي، فيما لا تملك البحرين أي رصيد اقتصادي لتقدّمه إلى تل أبيب، بالنظر إلى اقتصادها الصغير، ودورها التابع.
من المرجّح أن تحاول أبو ظبي تحقيق مكاسب، ولو شكلية، قبل أن تعلن المنامة والخرطوم تطبيعاً رسمياً


جلب الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي غضب طهران، التي لا ترى فيه مجرد علاقات ثنائية، بل حلفاً يهدد أمن الخليج وإيران ومحور المقاومة، وهو عنصر سيكون محل تدقيق في المسار الذي ستسلكه المنامة وتل أبيب. لذا، فإنه لا يمكن الحسم بأي مسار تتجه إليه العلاقات، وإحدى النقاط التي قد تدفع إلى إعلان تبادل السفراء أن يكون ترامب بحاجة ماسة إلى هذا «الإنجاز» الثانوي، أو تكون إسرائيل بحاجة إلى زيادة عدد الدول التي تطبّع معها، عوضاً عن السعي إلى علاقات «نوعية»، على غرار العلاقات الدافئة التي تُبنى بين تل أبيب وأبو ظبي.
تعاني المنامة من اضطراب سياسي بسبب إقصاء المعارضة عن النشاط السياسي، وضغوط شعبية واسعة رافضة للتطبيع. ويرتبط السودان والبحرين بعلاقات تبعية مع الإمارات، ولذا من الخطأ الاعتقاد بأن جدول أعمال حكومتي الخرطوم والمنامة لا يتضمن تبادل السفراء مع تل أبيب، بيد أن مسألة الوقت حاسمة. التأخير البحريني السوداني، يأخذ بالاعتبار الرؤى الإماراتية. ومن المرجّح أن تحاول أبو ظبي تحقيق مكاسب، ولو شكلية، قبل أن تعلن المنامة والخرطوم تطبيعاً رسمياً وعلنياً مع تل أبيب، بعدما خرجت أبو ظبي خالية الوفاض من الاتفاق مع إسرائيل، إلا من مقولة «السلام مقابل السلام»، التي يصعب تسويقها. بل إن الإمارات واجهت نقداً لاذعاً، عربياً وإسلامياً، قل نظيره، بعد «سلامها» المذموم مع تل أبيب.
يزور بومبيو عدداً من الدول العربية، وسط ضغوط تمارسها واشنطن على حلفاء دولة الإمارات، لتحذو حذوها في إطلاق متوالية تطبيعية مع كيان الاحتلال. تهدف الضغوط الأميركية إلى مساعدة الرئيس ترامب في حملته الانتخابية، التي تواجه تحديات متصاعدة، مع تباطؤ الاقتصاد وزيادة الاصابات بمرض كوفيد 19. ويستبعد أن يُحدث التطبيع فارقاً جوهرياً في مزاج الناخبين، بالنظر إلى أن نحو ثلاثة أرباع اليهود الأميركيين يصوّتون تقليدياً لصالح المرشح الديموقراطي، الذي يمثله هذه المرة جو بادين، فيما لا تحظى القضايا الخارجية بوزن مهم في الحملات الانتخابية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا