غزة | على رغم تقدّم جهود الوسطاء، القطريين والمصريين والأمميين، ما بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، تتواصل عمليات إطلاق البالونات المتفجّرة تجاه مستوطنات «غلاف غزة»، ما يتسبّب في عشرات الحرائق يومياً، في وقت حذّرت فيه «الغرفة المشتركة لعمليات المقاومة»، الاحتلال، للمرة الثانية خلال أيام، من «استمرار اعتداءاته البحرية على الصيّادين الفلسطينيين»، في أعقاب اقتراب زورق حربي إسرائيلي من ميناء غزة ومحاولته فرض حظر الصيد بالقوة. ويكشف مصدر في المقاومة أن «الاحتلال يتجنّب، منذ التحذير الأول لغرفة العمليات من أنها ستردّ على استهداف مواقعها، قصف المواقع العسكرية، ويردّ على إطلاق البالونات الحارقة بقصف أراض فارغة... بيانات جيش الاحتلال منذ ذلك الحين التي يقول فيها إنه قصف مواقع المقاومة كذب، وللتسويق لدى الجمهور الإسرائيلي».وعلمت «الأخبار» أن مباحثات التهدئة متواصلة منذ يومين، من دون تسجيل اختراق واضح إلى الآن، ما دفع الوسيط القطري، محمد العمادي، إلى إبلاغ المعنيّين أنه سيحضر بنفسه إلى غزة التباحث مع حركة «حماس» في زيادة قيمة المنحة المالية، إضافة إلى مشاريع قطرية أخرى تتعلّق بالكهرباء وغيرها. وتشير المصادر إلى أن العدو نقل إلى الفلسطينيين، عبر الوسيط المصري، أنه لن يتجاوب أو يدرس أيّاً من مطالب المقاومة ما دام إطلاق البالونات المتفجّرة والحارقة على طول حدود القطاع متواصلاً، وهو ما رفضته المقاومة، مُصرّةً على البدء في تنفيذ بنود التفاهمات قبل إيقاف «الأدوات الشعبية». وعلى إثر ذلك الرفض، عمد الاحتلال إلى تشديد إجراءات الحصار؛ إذ قرّر إغلاق بحر غزة بالكامل، إضافة إلى إغلاق «معبر كرم أبو سالم» مع فتحه جزئياً لإدخال المواد الغذائية والأدوية فقط.
وفي الاتصالات الأوّلية التي جرت مع العمادي، أبدى القطريون موافقة مبدئية على دراسة مطالب «حماس» في ما يتعلّق بزيادة قيمة المنحة، إلى جانب مشاريع أخرى في مقدّمها مدّ القطاع بخطّ جديد من الكهرباء، تَعهّدت الدوحة، بالتعاون مع «بنك التنمية الإسلامي»، بإنشائه بعد موافقة الاحتلال عليه. وأشار المندوب القطري إلى أن برنامج الزيارة يسير وفق ما هو مخطّط له، علماً أنه يرافقه فيها نائبه خالد الحردان للاطلاع على المشاريع الإنسانية التي تنفذها قطر، فضلاً عن لقاء المسؤولين الفلسطينيين لاحتواء التصعيد.
يتجنّب العدو، منذ تهديد المقاومة بالردّ، قصف المواقع العسكرية التابعة لها


في المقابل، تتواصل تهديدات الاحتلال لغزة، خاصة من وزير الأمن، بيني غانتس، الذي بات يطلق التهديدات يومياً. وقال غانتس، أمس، خلال زيارته إحدى بطّاريات «القبة الحديدية» قرب حدود غزة: «يجب أن يعلم قادة حماس أنه في الوقت الذي تنفجر فيه بالوناتهم نحونا، فإن انفجاراتنا عليهم ستكون أشدّ ألماً. نحن لسنا مستعدين لقبول أيّ صاروخ أو بالون أو أيّ انتهاك أمني». ولا يزال احتمال التدحرج إلى تصعيد كبير وارداً على رغم تقدّم مباحثات التهدئة، وذلك مع استمرار التحقيقات التي تجريها أجهزة أمن المقاومة على خلفية استشهاد أربعة من عناصر «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، في انفجار غامض أول من أمس، أثناء عملهم شرق غزة، حيث لم يتّضح بعد ما إذا كانت للاحتلال يدٌ في الانفجار، أم أن الحادث ناجم عن خلل تقني. وكانت نعت «السرايا» الشهداء إياد جمال الجدي (42 عاماً)، ومعتز عامر المبيض (29 عاماً)، ويعقوب منذر زيدية (25 عاماً)، ويحيى فريد المبيض (23 عاماً)، من سكّان حيّ الشجاعية جميعاً، مشيرةً في بيان مقتضب إلى أنهم ارتقوا أثناء «تأدية واجبهم الجهادي الاعتيادي».
وبموازاة التهديدات الإسرائيلية، قرّر غانتس تشديد شروط إعادة جثامين الشهداء سعياً للضغط على «حماس» في ملف الجنود الأسرى؛ إذ وجّه بمنع تسليم أيّ مِن جثامين الشهداء بغضّ النظر عن طبيعة العملية التي قاموا بها أو انتمائهم التنظيمي، بعدما كان القرار السابق عام 2017 خاصاً بالشهداء الذين ينتمون إلى «حماس» أو الذين نفذوا عملية خطيرة، علماً بأن العدو يواصل احتجاز جثامين أكثر من 60 شهيداً فلسطينياً في ثلاجات، إضافة إلى رفات نحو 250 آخرين في «مقابر الأرقام».
إلى ذلك، وفي وقت تشتدّ فيه الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يعاني منها الغزّيون، فرضت وزارة الصحة والأجهزة الأمنية حظراً للتجول بالكامل لمدة 48 ساعةـ بعد تسجيل أربع إصابات بفيروس «كورونا» المستجدّ خارج مراكز الحجر الصحي، لأول مرة منذ بدء انتشاره عالمياً. وتخشى السلطات حدوث انهيار في حال تفشّي الفيروس، بسبب الكثافة السكانية الأعلى على مستوى العالم، وعجز الجهاز الصحي عن التعامل مع الوباء في ظلّ محدودية الإمكانات بفعل الحصار الذي يفرضه الاحتلال منذ 14 عاماً.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا