هذه المعطيات تجعل الجيش المصري مطمئناً إلى أن الوضع الحالي لن يمكّن نظيره التركي من تنفيذ أي هجوم على محور سرت ــ الجفرة الذي وضعه كخط أحمر، على أن يراقب بحذر ما يصل من أسلحة ومقاتلين باستمرار. وسط ذلك، يقدر الجيش أن الوقت اللازم لقدرة أنقرة على قيادة هجوم يمكنها من السيطرة على محور سرت ــ الجفرة زاد إلى نحو أسابيع وليس أياماً، مع تسجيل تراجعٍ في الأسلحة والمقاتلين خلال المدة الماضية، والموجود حالياً لا يكفي لمواجهة تدرك أنقرة أنها لن تكون سهلة، ولا سيما مع إعلان الجيش المصري نيته التدخل بإمكاناته وعديده بصورة كبيرة. لكن التقارير الاستخباراتية المصرية تشير إلى أن أي هجوم يتوقع أن يكون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل إذا استمرت معدلات التدفق على وضعها الحالي، لكن مع مراعاة الأبعاد الدولية المرتبطة في المقام الأول بموعد الانتخابات الأميركية، وخاصة أن حتى الحديث عن حل سياسي وضغط من واشنطن لتحقيقه لن يكون قبل تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو ما سيجعل الوضع العسكري متوتراً على الحدود.
لا يزال الجيش مستنفراً كلياً رغم تراجع احتمالات المواجهة المباشرة
لذلك، لا تزال المؤسسة العسكرية مستنفرة كلياً رغم تراجع احتمالات المواجهة المباشرة، وخاصة أن التواصل الأمني مع تونس والجزائر يكشف عن بداية تشرذم في بعض الميليشيات التي وصلت من تركيا، واحتمالية انتقال عناصرها سريعاً إلى البلدان المجاورة، وهو ما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري ونذيراً لمواجهات جديدة مع جماعات إرهابية ترغب القاهرة في تجنبها على الحدود الغربية، تضيف المصادر. وهذا ما رفع وتيرة التنسيق بين القاهرة وتونس والجزائر في الملف الأمني والاستخباري على وجه التحديد، وهو ما دفع مصر إلى المطالبة بمعرفة نتائج التحقيقات مع الخلية التي ضُبطت قادمة من ليبيا قبل أيام في تونس. بجانب ما سبق، وصلت الرهانات المصرية على تدخل أميركي أو وساطة روسية للضغط من أجل العودة إلى حل سياسي إلى حائط مسدود، جراء إصرار إردوغان على المزيد من التصعيد مع أنه مقيّد بالوضع على الأرض، في وقت لا يزال فيه الموقف الأوروبي غير الموحّد عائقاً أمام التحرك المنظم للضغط على أنقرة.