غزة | أثار اغتيال الأسير الفلسطيني المحرّر جبر القيق، في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، أول من أمس، حالة جدل واسع شعبياً وفصائلياً، إذ تخشى الفصائل والأجهزة الأمنية من تأثير هذه العملية في السلم الأهلي، واستغلال العدو الإسرائيلي مثل هذه الأحداث لتنفيذ عمليات اغتيال لاحقة بدعوى الانتقام. بدأت القصة عندما قتل ثلاثة مسلحين القيق بدافع الانتقام منه خاصة أنه متهم بإعدام والد اثنين منهم خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1988 بتهمة التخابر مع الاحتلال، خلال عمله ضمن المجموعات العسكرية لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وهي سابقة في تاريخ الثورة الفلسطينية كما يرى كثيرون.
لا يعرف بقتل القيق أحد العملاء سوى المخابرات الإسرائيلية وقلة من قيادة «الشعبية»

فور الاغتيال، أعلنت وزارة الداخلية في غزة «الاستنفار وإغلاق محافظة رفح» وبدء حملة واسعة للبحث عن القتلة لاعتقالهم وتقديمهم إلى المحاكمة، متوعّدة بالوصول إلى مرتكبي الجريمة. وقال المتحدث باسم الوزارة، إياد البزم، إن هذه «الجريمة مرفوضة وطنياً وشعبياً، والتعامل معها سيكون بصرامة... لن نسمح بعودة الفوضى والفلتان».
على رغم تعهدات «الداخلية»، طالبت الفصائل الفلسطينية والإسلامية في بيان عقب اجتماعها أمس، بـ«رفع الغطاء العشائري والإسراع في إنفاذ القانون الثوري بحق القتلة وتنفيذ القصاص الرادع منعاً لتكرار هذه الجريمة النكراء، وحفاظاً على السلم الأهلي والمجتمعي، لأن الشهيد القيق وجميع أبناء الأذرع العسكرية للفصائل كانوا سنداً للثورة الفلسطينية خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى». ما تخشاه الأجهزة الأمنية، وفق مصدر أمني تحدث إلى «الأخبار»، أن يكون القتلة قد جُندوا أو استغلّتهم مخابرات الاحتلال أو جهات أخرى لتنفيذ الاغتيال تحت غطاء الثأر العائلي، وهذا ما يمهّد لعمليات اغتيال أخرى أو إثارة الفتنة. يقول المصدر إن خلفيات الحادث ستتضح بعد اعتقال الجناة الذين سيخضعون للتحقيق للتثبت من علاقتهم بالاحتلال قبل كل شيء، وخاصة أن «القضية قديمة واعتراف الشهيد القيق بقتل عملاء جاء خلال التحقيق معه على يد مخابرات الاحتلال عام 1990... لا يعرف بهذا الاعتراف سوى عدد قليل وضيّق من قيادة الجبهة الشعبية».
يرى كثيرون أن الاغتيال «سابقة في تاريخ الثورة الفلسطينية»


يذكر أن هناك اتفاقاً وطنياً بين الفصائل بإغلاق الملفات المتعلقة بقتل المتخابرين مع الاحتلال إبان الانتفاضة الأولى، ولا سيما أنها ترى في تلك العمليات التي قادتها الأجنحة الضاربة للفصائل ومطارَدوها في الانتفاضة الأولى «ملفات وطنية بامتياز، وخطاً أحمر لا يجوز تخطيه بأي حال»، ولذلك تقول أوساط فصائلية إن «كل من يحاول إثارة هذه الملفات سيضع نفسه في دائرة خدمة الاحتلال ومخططاته». أما «حماس»، فوصفت قتلة القيق بأنهم «فرقة ضالة تخدم الاحتلال ومخططاته لضرب الوحدة الوطنية والمجتمعية والسلم الأهلي واحتضان الشعب لمقاومته الباسلة»، قائلة إن «الجريمة مؤشر خطير على تجاوز القانون والنظام، وفتح لملفات اتفق الكل الفلسطينيّ على أنها مغلقة». وبينما نعت «الشعبية» القيق، أكدت أنها ستوفر الحماية لقدامى المناضلين. وقال بيان للجبهة: «هذه الجريمة لن تمر دون عقاب لأن اغتيال المناضلين عادة ما يرعاه الاحتلال».