دوماً كانت الأغوار ساحة لعدوان الجيش والمستوطنين بطرق مختلفة
يقول أحد المزارعين، ويدعى فوزي عوض، إن «المستوطنين يهاجمون المحاصيل دائماً في كل مكان ننتقل إليه داخل الأغوار، إما بإطلاق قطعان الماشية لتتلف المزروعات، أو تسييجهم الأراضي الزراعية»، مستدركاً: «نحن صامدون لكن الاعتداءات لا تتوقف، وبُعد مناطق الأغوار عن المحافظات يجعلها فريسة سهلة». وهذا الصيف مثلاً شهدت منطقة الساكوت بالأغوار الشمالية خسارة فادحة لموسم البطيخ والشمام . يوضح المزارع محمد بشارات أنهم تلقوا ضربة قوية بسبب موجة الحر نهاية الشهر الماضي، إذ تعرض نحو 60% من المحصول للتلف. أما النسبة المتبقية من البطيخ الجيد، فكانت فريسة لبطيخ المستوطنات الذي غزا السوق الفلسطينية. يكمل بشارات: «سنعزف عن زراعة البطيخ في الأغوار الشمالية.. إلا إذا عوضتنا وزارة الزراعة والحكومة». أما المزارع مؤيد هريش، فيقول إن السلطة «قدمت الأشتال ودعماً جيداً لإحياء أراضي الأغوار ومنع العدو من السيطرة عليها بحجة فراغها، لكن قبيل بدء الموسم والإنتاج تعرّض المزارعون لموجة الحر»، مضيفاً: «خسرت نحو 40 دونم من البطيخ في مزرعتي قرب الجدار الفاصل وبمحاذاة المستوطنات في قاعون».
من جهة أخرى، حوّل العدو القرى والمضارب البدوية لمناطق تدريب عسكرية، إذ صارت الأراضي مسرحاً لعشرات الآليات بما فيها دبابات، إضافة إلى قوات المشاة والمظليين. ويتخلل هذه التدريبات طرد الفلسطينيين من خيامهم واستعمال الذخيرة الحية، الأمر الذي يؤدّي إلى أضرار متنوعة فضلاً عن الآثار النفسية التي تَلحق بالأطفال. ومن الأضرار المادية تدمير خطوط المياه، وإتلاف المحاصيل، وإحراق مساحات شاسعة منها. من ذلك ما شهده بداية الشهر الجاري حين التهمت النيران نحو تسعة آلاف دونم من القمح والشعير والمراعي قرب خربة حمصة الفرشه وفي خربة حمصة البقيعة. وسط ذلك، يشعر عدد من المزارعين، الذين قابلتهم «الأخبار» في الأغوار الشمالية، أن «الضم قادم»، وليس شرطاً أن يكون فورياً. ويشتكون من غياب السلطة من الأساس قبيل الضم، ولذلك الضم يعني تحكّماً إسرائيلياً أكبر بالأغوار، كما يرون، بل يرى مزارعون أن ضم الأرض من دون السكان يعني أن يتحول الفلسطينيون إلى رهائن وأن تُقسّم الأغوار إلى قطع صغيرة بينها بوابات وحواجز تفصل المزارعين عن أراضيهم. مع ذلك، هناك قلة ترى أنه لا فرق بين ما قبل الضم وما بعده بحكم سيطرة العدو الكاملة على الضفة والأغوار، لكن الحد الأدنى من الخطورة أن تتحول الأغوار إلى مناطق إسرائيلية تُطبق عليها قوانين العدو، مثل قانون أملاك الغائبين الذي يتيح الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين إذا لم يكونوا فيها، علماً بأن عدداً كبيراً من العائلات تمتلك أراضي في الأغوار لكنها لا تقطن فيها.