ريف دمشق | اعتمد الجيش السوري خلال معركة يبرود في ريف دمشق على القصف شبه اليومي لمعاقل مقاتلي المعارضة السورية في دوما (الغوطة الشرقية)، بالتوازي مع الاشتباكات على أطرافها دون محاولة الاقتحام برياً، ودون توسيع رقعة المعارك فيها. لقد أمَّنت معارك ريف دمشق الشمالي (يبرود وغيرها) قطعاً لأحد أهم مصادر إمداد مقاتلي دوما، وإضافة عليه، فقد أمَّن القصف بشكل يومي و«افتعال» المعارك على أطرافها، لاسيما تلك الجنوبية استنزافاً بالغاً في المقدرات والعتاد العسكري لمقاتلي المعارضة المتحصنين في داخلها.
هذا الاستنزاف ساهم في تسريع الاتفاق بين التنظيمين المتنازعين حتى الأمس القريب على إدارة الشؤون الداخلية لدوما (السلفيون والاخوان السملمون). يتساءل أبو وداد أحد مقاتلي التنظيمات المسلحة داخل دوما، في حديثه مع «الأخبار»: «هل لأحد أن يفسر لنا لماذا يستدرجنا النظام يومياً إلى اشتباكاتٍ عند المزارع؟ علماً أن المعارك غالباً ما تكون رتيبة، إلى ذلك الحد الذي بتنا معه نعرف أنه في الساعة الحادية عشرة والنصف من كل يوم، سوف تشتد الاشتباكات بيننا عند المزارع». يستدرك أبو وداد ليضيف سريعاً: «يريدون أن ينفق الأخوة المقاتلون كل ما جمعوه من عتاد وذخيرة خلال الفترة التي لم ينقطع الإمداد فيها. هم يجهزّون لاقتحام دوما قريباً، قد يكون بعد شهر أو شهرين، قد يكون بعد رنكوس مثلاً».
في ظل هذه الحالة من التخبّط الذي تعيشه الجماعات المسلّحة في دوما، تتلقّف جوبر مهمتها سريعاً. جوبر المتاخمة للعاصمة السورية والقريبة بعشرات قليلة من الأمتار عن ساحة العباسيين وسط دمشق، يجعلها قادرة على «انتزاع الراية»، راية قيادة الصراع على جبهة الغوطة، من يد دوما الباحثة عن مخرج من طوق محكم، واختراق بري مسبق للجيش على أرض «إدارة المركبات».
خرجت جوبر اليوم عن النطاق المعتاد عليه في معاركها الداخلية، وباتت الكلمة الفصل في إدارة المعارك على جبهتها تابعة لـ«فيلق الرحمن»، الذي بذل جهوداً مضاعفة لعرقلة التسوية التي توصل إليها بعض الأهالي ولجان المصالحة الوطنية مع الحكومة السورية. فقد تبنىّ «فيلق الرحمن»، سلسلة استهدافات للمقار العسكرية السورية في جوبر، شنّها منذ يومين. كذلك استهدف «الفيلق» برفقة «اتحاد أجناد الشام» و«كتائب شباب الهدى» قسم شرطة جوبر، بعد تراجع للقوات العسكرية السورية منه، وتمكّن من السيطرة عليه والتقدّم إلى عمق الأطراف الغربية للحي.
هذا التصعيد في العمليات العسكرية في جوبر، تمثَّل في أحد أشكاله بإمطار بعض أحياء العاصمة السورية بقذائف الهاون. فمنذ ما يقارب الأسبوع، «أُطلق من جوبر ما يقارب الثلاثين قذيفة هاون يومياً» بحسب ما يؤكد مصدر عسكري مطلع على سير العمليات العسكرية في جوبر، خلال حديثه مع «الأخبار». ويضيف: «الشراسة التي يبديها المسلحون التكفيريون في جوبر ناتجة عن العمليات النوعية للجيش، لاسيما تدمير الأنفاق التي أخذت من جهد المسلحين أشهراً طويلة، وفوجئوا بأن الجيش كان يعلم بأمرها، هم اليوم يقاتلون في معركة الرمق، وليسوا في طور تقدمهم أبداً».
من جهة أخرى، قتل ثلاثة مواطنين وأصيب خمسة، بينهم ثلاثة أطفال، جراء سقوط قذيفتي هاون أطلقهما مسلحون على ضاحية حرستا في ريف دمشق.
كذلك انفجرت عبوة ناسفة زرعها مسلحون في سيارة مركونة في ساحة بالقرب من جامع الهدى في المزة في دمشق، دون وقوع إصابات بين المواطنين.
ميدانياً، واصل الجيش السوري عملياته في دمشق وريفها، حيث قصف مواقع للمسلحين في بلدة المشرفة شمال غرب يبرود وبلدة الصرخة جنوب غرب يبرود، ما أسفر عن مقتل عدد من المسلحين. كذلك دارت اشتباكات على أكثر من محور في مدينة درايا، حيث قتل وأصيب عدد من المسلحين.