يتكرر الحديث الإعلامي، ولا سيما العبري، في تضخيم قضية الأسيرة المحررة أحلام التميمي، المقيمة في الأردن والمطلوبة للولايات المتحدة. تهتم وسائل إعلام عبرية بتصوير طلب تسليم التميمي على أنه نقطة فاصلة في ملف المساعدات الأميركية للمملكة، بل فرض عقوبات عليها، مع أن الأمر لا يزال في حدّه الأدنى «قيد التداول» فضلاً عن موانعه القانونية، وهو ما يجعله في إطار الضغط من تحت الطاولة. كما يبدو، كلما اقترب تنفيذ خطة ضم الضفة المحتلة وإعلان اسرائيل سيادتها على مستوطنات الضفة، والأغوار، سيتصاعد الضغط على عمان من بوابات عديدة، وخاصة أن الأخيرة سبق أن رفضت الحديث عن تسليم التميمي.تقول وسائل إعلام عبرية إن «الإدارة الأميركية» تدرس وقف مساعداتها الماليّة للأردن حتى يخضع لطلب تسليم الأسيرة المحررة في «صفقة شاليط» (2010). وهي تستند إلى التحرك الأساسي لجهات في الكونغرس الأميركي، وتحديداً من الحزب الجمهوري، مع أن كل المؤشرات حتى الآن تدل على استمرار المساعدات التي أقرّها الكونغرس رسمياً. المطالبات تجدّدت قبل نحو شهر، فيما ادّعت صحيفة «يسرائيل هيوم» أمس أن هناك تلويحاً أميركياً جديداً بورقة المساعدات. لكن التدقيق في القضية يبرز حصراً ما نقل عن المرشح ليكون سفيراً لدى عمان، في شهادة أمام الكونغرس، هنري ووستر، الذي قال رداً على سؤال في هذا الخصوص: «ندرس الخيارات كافة من أجل الضغط على الأردن». لكن ووستر، الذي يشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية للمغرب العربي ومصر، قال قبل نحو شهر، إن «الأردن حليف لا يقدّر بثمن في مكافحة الإرهاب ودعم عمليات حفظ السلام... المساعدة الاقتصادية الأميركية للمملكة العام الماضي تجاوزت مليار دولار»، موضحاً أن «الأردن ثالث أكبر متلقِ للتمويل العسكري» من بلاده، وأن «مساعدتنا العسكرية تعزز مكانة الأردن كحصن للاستقرار»، وهو ما يؤكد أن منع المساعدات في ظل هذه المعطيات آخر خيار أميركي.
يروّج الإعلام العبري أن واشنطن تدرس وقف مساعداتها لعمان


بالتوازي مع ذلك، أجرى ملك الأردن، عبد الله الثاني، أمس، محادثة «فيديو» مع لجنتين اثنتين من مجلس الشيوخ الأميركي لمناقشة مسألة الضم من أجل التأثير في موقف أعضاء الكونغرس (راجع الكادر). ورغم أن وسائل إعلام، ولا سيما العبريّة، ذكرت أن طلب تسليم التميمي يأتي هذه المرّة من «الإدارة الأميركية» نفسها، من غير الواضح هل كل هذه الزوبعة هي نتيجة الإجابات المكتوبة التي قدّمها ووستر إلى لجنة العلاقات الخارجية، رداً على أسئلة السيناتور، تيد كروز؟ كتب الرجل في إجابته: «لدى الولايات المتحدة خيارات متعددة وأنواع مختلفة من النفوذ لتأمين تسليم أحلام التميمي»، مضيفاً: «سنواصل إشراك المسؤولين الأردنيين على جميع المستويات، ليس فقط في هذه القضية، ولكن أيضاً في معاهدة تسليم المجرمين على نطاق أوسع». وبينما قال إن «دعم الولايات المتحدة للأردن ضمن بند التمويل العسكري الأجنبي، إضافة إلى الدعم الاقتصادي والمساعدات الأخرى، تجري معايرتها بعناية لحماية وتعزيز نطاق المصالح الأميركية في الأردن وفي المنطقة»، أجاب بشأن كون المساعدات جزءاً من النفوذ في قضية التميمي: «إذا تأكدت، سوف أستكشف جميع الخيارات لتقديم التميمي إلى العدالة، وتأمين تسليمها، ومعالجة القضايا الأوسع المرتبطة بها مع معاهدة تسليم المجرمين».
هذا كله يطرح سؤالاً: هل تضحي واشنطن بعلاقتها مع عمان التي تمثل أهم مرتكزات الحفاظ على الاستقرار والأمن لإسرائيل من أجل التميمي؟ على الأقل، لا تفيد الوقائع بالإيجاب، كما أن القضية ليست جديدة وعمرها سنوات، في حين أن القرار الرسمي الأردني صدر من «محكمة التمييز»، أعلى هيئة قضائية، برفض تسليمها منذ 2017 (راجع لماذا لن تسلم عمّان أحلام التميمي لواشنطن؟ 13 أيار)، إضافة إلى أن «اتفاقية تسليم المجرمين الفارين»، الموقّعة بين المملكة والولايات المتحدة منذ 1995، لم يُصدّق عليها مجلس الأمة لتنال مكانة دستورية، الأمر الذي يجعلها غير نافذة ولا تستوجب التطبيق.



عبد الله: الضم مرفوض ويقوّض السلام
قال الملك الأردني عبد الله الثاني، إن سعي إسرائيل إلى ضم أراضٍ في الضفة «أمر مرفوض، ويقوّض فرص السلام والاستقرار في المنطقة»، خلال اجتماعات عقدها تقنياً وهاتفياً مع لجان وقيادات في الكونغرس، وفق بيان للديوان الملكي أمس، قال إن عبد الله شدّد على «إنهاء الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على خطوط 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وذكر البيان أن الملك عقد اجتماعاته مع زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش مكونيل، ولجنة الخدمات العسكرية في المجلس، واللجنتين الفرعيتين لمخصصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية في لجنتي المخصصات.
(الأناضول)