لا يبدو أن زيارة وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، «الخاطفة» لفلسطين المحتلة، ثم الأردن، أمس، آتت ثمارها، على الأقل أوروبياً، وخاصة مع انتقال الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا في الأول من الشهر المقبل، إضافة إلى رئاسة مجلس الأمن. فالساعات القصيرة، التي بذلها ماس لـ«التحذير» من تداعيات ضم مناطق في الضفة المحتلة إلى الكيان الإسرائيلي وانعكاس ذلك على العلاقات بين برلين وتل أبيب، لم تلقَ آذاناً صاغية لدى المسؤولين الإسرائيليين. وفق صحيفة «هآرتس» العبرية، وبجانب لقاءاته مع رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، بيني غانتس، تقرر اللقاء مع القيادة الفلسطينية «عبر الفيديو» جراء رفض العدو السماح للضيف بالتوجه إلى رام الله تحت ذريعة انتشار «كورونا».في المقابل، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي، المضيّ في خطة الضم قريباً، قائلاً لماس في القدس المحتلة، إن «خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرصة ممتازة وسوف تطبق، لكن بالتعاون مع الإدارة الأميركية والتفاهم مع الدول المجاورة». واستدرك أشكنازي بأنه لا وجود لخرائط للضمّ حالياً، بل إن الأعمال تجري لترسيم الخرائط والحدود، علماً بأن الخطة مبدئياً تنص على ضم أكثر من 130 مستوطنة في الضفة، وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، ما يمثل أكثر من 30% من مساحة الضفة، مطلع الشهر المقبل. أما الوزير، فأعلن «رفض ألمانيا والاتحاد الأوروبي خطة الضم كونها تعارض القانون الدولي»، مشدداً على «العودة إلى خيار حل الدولتين». وبشأن الهدف من زيارته، قال إنه «الحصول على معلومات عن برامج حكومة الاحتلال الجديدة». وأضاف ماس: «بوصفي صديقاً لإسرائيل، أنا قلق». مع ذلك، سبق أن رجحت مصادر في الخارجية الألمانية الأسبوع الماضي ألا تؤيد برلين وضع عقوبات على تل أبيب في حال نفذت مخطط الضم، كما أنها لا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن الأمر لا يعدو مجرد تحذير من خطورة الخطوة.
لكن كثيرين في إسرائيل يرون أن جزءاً من العقوبات التي قد تفرض في أعقاب الضم لا تحتاج إلى إجماع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، إذ إن «الضرر الأساسي سينبع من عقوبات في مجال العلاقات الثنائية بين إسرائيل وكل واحدة من دول الاتحاد التي قد يعترف قسم منها بالدولة الفلسطينية كرد فعل على الضم». وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يُقدر أنه في حال تنفيذ الضم أن تدرس ما بين 8 ــ 10 دول أوروبية على الأقل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، من بينها: فرنسا ولوكسمبورغ وبلجيكا وإيرلندا وإسبانيا. وفي غضون ذلك، توقعت مصادر إسرائيلية أن يُقدم نتنياهو على ضم ثلاث مناطق في الضفة كمرحلة أولى، وهي التي تحظى بإجماع إسرائيلي داخلي وأميركي، مع الامتناع عن ضم الأغوار خشية تدهور العلاقات مع الأردن. لذلك، قد يعلن خلال الشهر المقبل ضم التجمعات الاستيطانية الكبرى: «غوش عتصيون» جنوبي بيت لحم، ومستوطنة «معاليه أدوميم» شرقي القدس المحتلة، إضافة إلى «أرائيل» قرب سلفيت. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من قرار «المحكمة العليا» الإسرائيلية بطلان قانون تنظيم البناء الاستيطاني في الضفة، الذي أسهم في شرعنة أكثر من ألفي وحدة، وسط هجوم من أقطاب اليمين على المحكمة.