لا يزال «الخلاف» المالي بين الحكومة السورية وأجهزتها، ورجل الأعمال السوري رامي مخلوف، يتفاعل أكثر فأكثر، بعد «تسريب» وثيقتين رسميتين تظهر الأولى قراراً حكومياً قضى بالحجز على أموال مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، وكذلك زوجته وأولاده، والثانية تظهر منع مخلوف من التعاقد مع الجهات الحكومية السورية لخمس سنوات. تأتي هذه القرارات بعد تحقيقات امتدت شهوراً، منذ أواخر العام الماضي، جرى خلالها توقيف العديد من موظفي شركة «سيريتل» للاتصالات، الذين خضعوا للتحقيق الحكومي ضمن حملة واسعة لاستيفاء مستحقات من كبار رجل الأعمال.
قال مخلوف إن تسديد المبلغ المطلوب دفعة واحدة يعني انهيار «سيريتل» (أ ف ب )

حملت الوثيقتان تاريخ 19 أيار/مايو، أي أمس، وجاء في الأولى أن «الحجز الاحتياطي يأتي ضماناً لتسديد المبالغ المستحقّة لهيئة تنظيم الاتصالات في سوريا»، والثانية تقضي بـ«حرمان المدعو رامي محمد مخلوف التعاقد مع الجهات العامة لخمس سنوات». وأتت بوادر الخلاف حين طالبت السلطات مخلوف بدفع ما يقارب 130 مليار ليرة (نحو 77 مليون دولار وفق سعر الصرف الحالي في السوق الموازية)، ومبالغ مطلوبة من الشركات الخلوية كمستحقات للدولة «تم حسابها بناءً على عمل لجان اختصاصية في الشؤون المالية والاقتصادية والفنية والقانونية»، وفق البيانات الحكومية السابقة. لكن مخلوف، الذي يرأس مجلس إدارة «سيريتل»، رفض دفع المستحقات بداية، معتبراً إياها «مفروضة» لا ضرائب مستحقة.
طبقاً لمخلوف، الذي ظهر في ثلاثة مقاطع فيديو يتناول فيها القضية، منذ نهاية الشهر الفائت حتى الأحد، فإنه خاض مفاوضات ووافق على دفع المبالغ المستحقة، معتبراً ذلك «دعماً» للدولة، لكن لم يظهر أن الأمور كانت تسير إلى الحل، إذ كان يخرج مخلوف في مقاطع شاكياً من «ممارسات الأجهزة الحكومية». عادت الأمور وتعقدت أكثر عندما طُلب من الرجل الاستقالة من منصبه في «سيريتل»، الأمر الذي رفضه رفضاً قاطعاً، كما قاله في مقطع مصوّر نشره الأحد الماضي. كما سبق أن ناشد في أحد المقاطع الرئيس بشار الأسد شخصياً التدخل «لإنقاذ شركته».
نفى مخلوف أن تكون الشركة رفضت دفع المبالغ المطلوبة منها


في آخر رسائل مخلوف، ما نشره أول من أمس على صفحته في «فايسبوك»، ونفى فيه ما ذكرته وزارة الاتصالات عن أن «سيريتل» رفضت دفع المطلوب منها في النزاع على رخصتها، وتضمن المنشور «وثائق رسمية» تُظهر رسالة توجهت بها الشركة إلى الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، تؤكد فيها «جاهزية الشركة لتسديد دفعة أولى فورية تحدد استناداً إلى سيولة الشركة، ولتسديد المبلغ المتبقي على أقساط يتم جدولتها مع تحمل سيريتل الفوائد القانونية المترتبة». كما رأى مخلوف، في وقت سابق، أن إصرار الأجهزة الحكومية على دفع المبلغ المطلوب كاملاً سيؤدي إلى انهيار الشركة بسبب غياب سيولة فورية تكفي لهذا المبلغ، مضيفاً: «هذا يعني انهيار الاقتصاد السوري».
إلى ذلك، شهدت الليرة السورية في الأيام الأخيرة مزيداً من الانخفاض في قيمتها، متأثرة بعوامل عديدة، منها الخلاف بين مخلوف والأجهزة المالية والأمنية، إضافة إلى العقوبات الأميركية، وغياب الاستقرار في لبنان، وتوقف تدفق الدولار من الخارج.