شكّل إدراج 1.5% من أسهم شركة «أرامكو» السعودية في السوق المالية المحلية، «تداول»، في الشهر الأخير من العام الماضي، فاتحة الانتكاسات. بناء على نطاقٍ سعري تراوح بين 8 و8.5 دولارات للسهم الواحد (من مجموع ثلاثة مليارات سهم)، حُدِّدت قيمة الشركة بـ 1.6 تريليون دولار، أي أقلّ ممّا كان يصبو إليه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي وضع سقفاً طموحاً جداً حين قيّم عملاق النفط بتريليونَي دولار.الطرح المتعثِّر بفعل إحجام المستثمرين الأجانب عن وضع أموالهم في سوقٍ لم تَعد جذّابة نظراً إلى احتمال تكرار هجمات 14 أيلول/ سبتمبر التي استهدفت منشأتَي «بقيق» و«خريص» بدّد آمال إدراج المجموعة النفطية في سوق الأسهم العالمية. انتكاسةٌ أضيفت إليها أخرى اعتباراً من العام الجاري مع انتشار وباء كورونا ولاحقاً انهيار اتفاقات «أوبك+» في السادس مِن آذار/ مارس بعد انسحاب الروس مِن الحلف، ما أدى إلى استعار حرب حصص سعودية ــــ روسية. عامِلان أفقدا الخام نحو ثلثَي قيمته في الربع الأول: هبطت أسعار خام القياس العالمي، «برنت»، بنسبة 65.6%، قبل أن يتّفق منتجو «أوبك+» منتصف الشهر الماضي على خفض الإمدادات بواقع 9.7 ملايين برميل يومياً للشهرين الخامس والسادس، على أن تُقلَّص هذه الاقتطاعات تدريجياً لغاية نيسان/ أبريل 2022.
وبلغ معدّل إنتاج «أرامكو» اليومي، في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، 9.7 ملايين برميل، بموجب اتفاقٍ انتهت مفاعيله اعتباراً من بداية نيسان/ أبريل، حين بدأت الشركة تضخّ بأقصى طاقتها عند 12.3 مليون برميل إثر انهيار محادثات «أوبك+»، قبل أن يتراجع إنتاجها إلى 8,5 في الشهر الجاري، بفعل الاتفاق الجديد. لكن الابتزاز الأميركي بخفض مستوى الحماية للمملكة في حالة عدم تنفيذ اقتطاعات إضافية تساهم في ضبط السوق، أجبرها على إعلان خفض إضافي في الشهر المقبل سيجعل إنتاجها 7.5 ملايين يومياً، وهو الأدنى منذ نحو عقدين، في محاولة لرفع الأسعار عبر التخفيف من الضغط على المخزونات في مرحلة من الطلب الضعيف، كما أعلنت وزارة الطاقة أول من أمس.
لا يزال سهم «أرامكو» أدنى من سعر الطرح العام الأولي البالغ 32 ريالاً


في تقرير حول أداء الشركة في الربع الأول، رأى الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»، أمين الناصر، أن «العالم بأسره لم يشهد أزمة تضاهي جائحة كورونا (كوفيد ــ 19)»، لافتاً إلى أنه «يجب علينا أن نتكيّف مع هذه التطورات الشديدة التعقيد والمتغيرة بوتيرة سريعة». وتتوقّع الشركة أن يؤثّر تراجع الطلب العالمي على الخام في ما تبقّى من 2020، إذ قال الناصر: «بالنظر إلى الأشهر المتبقية مِن 2020، نتوقّع أن تؤثِّر كورونا في الطلب العالمي على الطاقة وأسعار النفط، ما سينعكس بدوره على إيرادات الشركة»، لكنه ذكر أنه «على المدى البعيد، تظلّ الشركة واثقة من تنامي الطلب على الطاقة مع تعافي الاقتصادات العالمية».
وبلغ صافي أرباح المجموعة النفطية العملاقة 62.5 مليار ريال (16,66 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، مقارنةً بـ 22,2 مليار دولار في المدة نفسها من العام الماضي. كما أوضحت أن أداء الربع الأول تأثّر بانخفاض حجم الطلب العالمي على الخام، ما أدّى إلى تراجع أسعار النفط «واستمرار الضغوط على هوامش أرباح التكرير والكيميائيات». رغم تراجع الأرباح، لا تزال التدفقات النقدية لعملاق النفط الحكومي قويّة مقارنة بشركات النفط الكبرى الأخرى، وهو ما يعكس قوّة قوائمها المالية ومتانتها.
على خلفية الإعلان، ارتفع سهم الشركة بنسبة 1.3% إلى 31.30 ريال، لكنّه لا يزال أدنى من سعر الطرح العام الأولي البالغ 32 ريالاً. يشار إلى أن جميع شركات النفط الكبرى سجّلت تقريباً خسائر في الربع الأوّل، لكن «أرامكو» ترتكز على كلفة الإنتاج المنخفضة لتحقيق الأرباح. مع ذلك، قالت المجموعة إنها نفّذت «تدابير إضافية لتحسين الإنفاق، ما أدّى إلى خفض النفقات الرأسمالية المتوقعة لعام 2020». كذلك، تتوقّع أن يراوح حجم نفقاتها الرأسمالية عن العام المالي 2020 ما بين 25 و30 مليار دولار، مقارنةً مع 32.8 ملياراً في 2019.