ثمّة من يؤكّد أن المكلّف عدنان الزرفي، قاب قوسين من «الاعتذار»، وخاصّة أن أركان «البيت الشيعي» قد سحبوا «فعلياً» غطاءهم عنه. في المقابل، ثمّة من يقول إن الرجل بدأ بـ«التواصل» مع الأحزاب والقوى السياسية «الشيعية»، وهو في صدد «إبرام صفقات» لإمرار كابينته برلمانيّاً، و«التراجع، أو الاعتذار ليس وارداً على جدول أعماله». وبين الرأيين، ثمّة من يفصل بين نجاح الزرفي في تأليف فريقه الوزاري، وبين نجاحه في إمراره داخل البرلمان، وخاصّة أن الكتل «الشيعية»، وعلى رأسها «الفتح» (ائتلاف يضم الكتل المؤيدة لـ«الحشد الشعبي»، بزعامة هادي العامري) يرفض رفضاً قاطعاً التصويت لمصلحة «كابينة» الزرفي.في هذا الإطار، ثمّة من فسّر بيان زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، أوّل من أمس، بأنّه «دعوة مبطّنة» للعودة إلى طاولة المفاوضات والبحث عن بديل للزرفي. تؤكّد مصادر «تحالف البناء» (ائتلاف يضم العامري والمالكي والفيّاض وخميس الخنجر، وآخرين...) أن اجتماعات القوى «الشيعية» لا تزال تتواصل، لكنّها حتى الآن «لم تسفر عن أي نتيجة»، راهنةً نجاحها بموقف علني للصدر، يحسم «التخبّط» داخل «البيت الشيعي».
وفي هذا السياق، تشي المعلومات بأن اجتماعين عُقدا أمس، في منزل زعيم «تيّار الحكمة الوطني» عمار الحكيم. الأوّل بحضور معظم أركان «البيت الشيعي» باستثناء «الصدريين»، الذين حضروا الثاني. مصادر حضرت الاجتماع الأوّل أكّدت أن الحاضرين سيبلّغون رئيس الجمهورية برهم صالح، رفضهم تكليف الزرفي. وعن الاجتماع الثاني، الذي بدأ قرابة الساعة الـ 11 مساءً، رجّحت المصادر أن يسفر عن رأي مماثل، من دون أن تستبعد «دعماً صدريّاً للزرفي، وهو موقف قد يعقّد المشهد أكثر».
يبقى الرابح الأكبر رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، الباقي في منصبه


ووفق عدّة مصادر سياسية، فإن النقاشات تُجمع على ضرورة تحصيل إجماع «شيعي» على بديل للزرفي، حتى «لا يتكرّر الخطأ»، وإن أصرّ أركان «البيت الشيعي» على تصفية حساباته، مكرّرين سيناريو محمد توفيق علّاوي، فإن التوجّه يقضي باللجوء إلى «الأغلبية»، أي النزول عند رأي «البناء»، والمضيّ بمرشحه، شرط موافقة الصدر، وتحصيل دعمه له.
هذا التخبّط، المنعكس عجزاً في اتخاذ قرار يحظى بإجماع الأطراف «الشيعية»، يريد البعض استثماره بتصفية حساباته مع صالح. حسابٌ متراكم منذ 1 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، لكنّه سيكون في مواجهة الصدر، الذي يؤمّن للزعيم الكردي مظلّة حالت دون «إسقاطه». كذلك، تتهم هذه القوى، وجُلّها ينتمي إلى «البناء»، الرئيس صالح بضرب السياقات الدستوريّة، وعدم التقيّد بها، وهي في صدد مراجعة شاملة لأدائها السياسي طوال الأشهر الماضية، لكنّها إلى اليوم تُثبت عجزها عن تطبيق «دروس» مستقاة من التجربة الماضية.
وبمعزل عن نجاح الزرفي من عدمه، في استحقاق التأليف أوّلاً، والإمرار ثانياً، يبقى الرابح الأكبر رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، الباقي في منصبه، وإن كان مصرّفاً للأعمال، في ظل العجز عن تأمين بديل منه، وإيمان شريحة واسعة بقدرته على إدارة المرحلة الانتقالية، وإشراف حكومته على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة. ثمّة من يقول إن ما يجري «شراء لوقت ضائع... فما من بديل متوفّر من عبد المهدي». يضيف هؤلاء، إن فشل الزرفي وارد جدّاً، وهذا يمنح حكومة عبد المهدي «عمراً أطول».