لليوم الثاني على التوالي، تتواصل لقاءات الوفدين العسكريين، التركي والروسي، في أنقرة، في إطار السعي نحو الوصول إلى آلية تفصيلية لتطبيق «اتفاق موسكو» الموقّع أخيراً بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، حول إدلب. يوم أمس، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن «الوفدين التركي والروسي التقيا في أنقرة لليوم الثاني». وبعد ساعات أعلنت الوزارة انتهاء الاجتماعات في مقرّ وزارة الدفاع، على أن تستمر اللقاءات غداً (اليوم). وفي هذا السياق، أكّد وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن وجود بلاده «بعناصرها كافة»، مستمرّ في إدلب السورية، مشيراً إلى أن بلاده «تخطّط من أجل البدء بتسيير دوريات مشتركة مع روسيا على الطريق الدولي M4 في سوريا في 15 آذار/ مارس الجاري». وأضاف أكار في تصريحات صحافية أن «اللقاءات المتبادلة مع الوفد العسكري الروسي تتواصل بشكل بنّاء وإيجابي». كما أشار إلى أن الوضع الحالي في منطقة إدلب «هادئ، عقب توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين أنقرة وموسكو»، معرباً عن تمنّيه «تحقيق وقف إطلاق نار دائم في إدلب». وتقاطعت تصريحات أكار مع تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي قال إن بلاده «تعمل حالياً على تحويل الوقف الموقّت لإطلاق النار إلى دائم»، مشيراً إلى أن «تركيا وجّهت التحذيرات اللازمة إثر حدوث خروقات بسيطة لاتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة قبل يومين». لكن ما يبدو واضحاً أن مشكلة أنقرة ليست في المفاوضات مع موسكو، وليست في الاتفاق على آلية تطبيق الاتفاق، بل في تطبيقه ميدانياً، حيث لا تجد أنقرة، حتى الآن، تعاوناً جدّياً، أو حتى موافقة، من قبل الفصائل المسلحة الوازنة المسيطرة في المنطقة، ما يجعل مهمّة أنقرة، وموسكو إلى حد ما، في 15 آذار/ مارس، موعد فتح الممر الآمن، مهمة صعبة دونها الكثير من العوائق.وعلى خط مواز، أعلن إردوغان أن «هناك خروقات بسيطة لاتفاق وقف إطلاق النار في منطقة إدلب»، داعياً روسيا إلى «اتخاذ التدابير اللازمة مع النظام السوري لوقفها». وقال الرئيس التركي في كلمة أثناء مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب «العدالة والتنمية» في مقرّ البرلمان التركي: «منذ الآن بدأ خرق وقف إطلاق النار بإدلب، ولو بشكل بسيط، وننتظر من روسيا اتخاذ التدابير اللازمة حيال هذا الأمر». وتأتي تصريحات إردوغان هذه بعد يومين من مطالبة موسكو لأنقرة بضبط الفصائل وإيقافها عن خرق اتفاق وقف إطلاق النار، حيث سجّلت وزارة الدفاع الروسية عدداً من خروقات المسلّحين في الأيام الماضية، بينما لم تسجّل أنقرة أي خرق، بحسب الدفاع التركية. وشرح إردوغان أسباب موافقة تركيا على وقف إطلاق النار الموقّت، معتبراً أنها «ليست بسبب عجزها عن مواجهة النظام السوري والتنظيمات الإرهابية، بل لرغبتها في إيجاد حل لأزمة إدلب يمكن قبوله من الأطراف كافة». وأوضح أن تركيا «لن تكتفي بالردّ المماثل على أصغر هجوم قد تتعرّض له نقاط المراقبة التركية في سوريا، بل ستردّ بقوة أكبر». وهدّد إردوغان دمشق وحلفاءها، قائلاً: «نراقب عن كثب تحشّد النظام السوري وداعميه من الميليشيات قرب خط وقف إطلاق النار، وسنوجّه لهم ضربات قاسية حال مخالفتهم لوعودهم». ولفت إلى أن مدى التزام الجيش السوري وحلفائه باتفاق وقف إطلاق النار «ليس معلوماً».
من جهتها، أكدت طهران أن من «حق الحكومة الشرعية في سوريا أن تبسط سيطرتها على جميع أراضي البلاد». وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، إن «ما يحدث في إدلب أقلقنا جميعاً، وكان لا بد من اتخاذ إجراءات». وأفاد بأن إيران تجري اتصالات مع روسيا وتركيا وتؤكد أن «آلية أستانا هي الأفضل حتى الآن لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية وخاصة في محافظة إدلب». كما أشار إلى أن الخارجية الإيرانية تواصل مشاوراتها بشأن القرار النهائي حول قمة طهران التي سيشارك فيها رؤساء إيران وروسيا وتركيا لمناقشة تطورات الأزمة في سوريا. وفي السياق ذاته، أكد مساعد رئيس البرلمان الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أهمية المحادثات الثلاثية بين إيران وتركيا وروسيا والحفاظ على اتفاقات أستانا وسوتشي حول سوريا. وأشاد عبد اللهيان بـ«الانتصارات التي تحقّقت في الحرب على الإرهاب في إدلب»، وقال إن «الحل السياسي هو السبيل لتسوية الأزمة الحالية».