غزّة | عاش الغزيون حالة من الترقب والقلق في تلك الساعات الحرجة، خاصة في ظل استقراء تصعيداً عسكرياً اسرائيلياً جديداً، بعد استهداف حركة الجهاد الإسلامي البلدات الإسرائيلية بوابل من الصواريخ، رداً على عمليات الإغتيال التي نفذها الإحتلال ضد عناصرها قبل أيام؛ لتكون قد امتلكت حق المبادرة في الرد على الإنتهاكات الإسرائيلية كما فعلت في عام 2012. وتتلبد غيوم حرب إسرائيلية جديدة في سماء القطاع، منتظرة انحسار المنخفض الجوي، كي تتمكن الطائرات الحربية من شن غارات ستكون موجعة وفق ما يزعم قادة الجيش الإسرائيلي، لكل من الجهاد الإسلامي وحماس، التي سمحت لها بإطلاق صواريخ من غزة، حسب ادعاء وزير الحرب الإسرائيلي.غير أن ذلك لم يؤثر كثيراً على حالة الشارع الغزي، فعاش المواطنون يومهم بشكل أقرب إلى الطبيعي والروتيني، حيث واصلت الجامعات والمدارس عمليات التدريس، وفتحت المحلات التجارية أبوابها، كما اكتظت الشوارع بالمارة والسيارات التي تزدحم غالباً أوقات الظهيرة، فلا تخيم أجواء الحرب بين الناس، على الرغم من أن حديثهم يدور حول «حرب شرسة» قد تجتاحهم.

في حين تباينت آراء الغزيين حول التوقيت الذي اختارته «الجهاد» لإطلاق الصواريخ، فمنهم من شكك بالتوقيت، خاصة في ظل العداء الشديد الذي تصدّره مصر باتجاه حماس، والتي من المحتمل أن تتخلى عن الغزيين في حال شُنت حرب ضدهم. ومنهم من يرى بأن التصعيد باتجاه إسرائيل هو الحل الوحيد للخروج من عزلة فرضت على القطاع دون أي ذنب يقترفه سكانه، ولأن اسرائيل هي المسؤول الأول والأخير عن كل المعاناة التي يلقاها الغزيون، من حصار وفقر وبطالة وغياب أفق واضح للمستقبل.
المواطن محمد حمادة (35 عاما) يرحب بالتصعيد الإسرائيلي الجديد على القطاع، ويؤكد أن ذلك لا يضر الفلسطينيين كثيراً بقدر ما سيفيدهم سياسياً واقتصادياً، ويُري العالم مأساتهم بدلاً من نسيانهم في ظل انشغال الكل العربي بشؤونهم الداخلية، وأن تعود البوصلة السياسية لفلسطين، والتي من رأيه حُرفت عمداً باتجاه الدول العربية، لكي تنسى القضية الفلسطينية.
ويقول:» اليوم علينا أن نثبت أننا قادرون على تحديد اتجاه البوصلة وعلينا إثبات للعدو الإسرائيلي أن كل الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه خلف مقاوم، ويؤيد النضال المسلح، يختار الزمان والمكان المناسب، فنحن قادرون على توجيه مقود السياسة».
غير أن صديقه كمال الشرفا يتخوف من التصعيد ضد غزة وأن يكون المدنيين هم الجزء الأكبر من الضحايا خاصة وأن إسرائيل لن تغادر أرض المعركة دون أن تترك بحاراً من دماء المدنيين كي يتباهى بها قادتهم أمام الكبينت الذي يعيش على تجرع دماء الفلسطينيين، وفق تعبيره.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حراكا كبيرا يختلف هذه المرة عن سابقاته حيث كانت أغلب التعليقات حول حظر كافة المعلومات حول إنجازات المقاومة، أو الإدلاء بأماكن إطلاق الصواريخ ولو كان بحسن نية، وبدت التحذيرات واضحة بين المعلقين بضرورة تحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية من تقديم معلومات مجانية «للعدو الصهيوني».
وأبدى الإعلامي فؤاد جرادة عبر صفحته الشخصية عن احترامه الشديد لما أقدمت عليه المقاومة الفلسطينية فقال:» بعيداً عن اعتقادي وموقفي من المقاومة بشكلها الحالي، وبغض النظر عن الفصائل التي تتصدر المشهد الميداني والإعلامي، الخطة التي نفذتها حركة الجهاد الإسلامي في العملية التي أسمتها عملية كسر الصمت، جديرة بالإحترام، سيما عند إطلاق الرشقة الأولى من الصواريخ، فقد اختارت الوقت والتوقيت المناسبين، دفعة واحدة من الصواريخ، في ظل أحوال جوية سيئة، لذا نرفع لكم القبعات قبل ان ترفع إسرائيل رؤسنا من جذورها».