بغداد | جلسة منح الثقة، المقرّر أن تُعقد غداً (الأربعاء)، أُرجئت إلى الخميس؛ فالأحزاب والقوى السياسية على اختلافها لن تصوّت بـ«المجّان» لـ«تمرير» محمد توفيق علّاوي وحكومته. لكلّ فريق «حساباته» الخاصّة، والقاسم المشترك حتى الآن «البحث عن بديل». خلال الساعات الماضية، التمس علّاوي ذلك؛ لم يجد آذاناً صاغية لدعواته المتكرّرة إلى ضرورة عقد «الجلسة الاستثنائية»، فيما يُنقل عن رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، أن «جلسة الخميس أقرب أن تكون صوريّة... لن يُمنح علّاوي الثقة، وربما تؤجّل إلى الأحد» (المنهاج الوزاري الخاص بالحكومة المرتقبة، والمتوقّع أن يُناقش في الجلسة). هكذا، تعيش خريطة البيوتات «الشيعية» و«السُنّية» و«الكردية» انقسامات واضحة إزاء آلية اختيار علّاوي «كابينته» الوزارية.«كرديّاً»، تقول مصادر سياسية مطّلعة إن «قوى» (غير «الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» أبناء الراحل جلال طالباني)، شكّلت جبهة بعنوان «كروب 15»، وقد تعهّدت بالتصويت لعلّاوي وحكومته، غير أن الأخير لم يكن مطمئنّاً، لأن «الغطاء الكردي» مرهونٌ بدعم أربيل. فعمد إلى «إرضاء» بارزاني باستحداثه وزارةً رابعة (يرتفع بذلك عدد الحقائب من 22 إلى 23) باسم «وزارة الدولة لشؤون إقليم كردستان»، ومنَح «القوى الكرديّة» حرية اختيار مرشحها لهذا المنصب، مقابل تفويضه اختيار وزرائها الآخرين. الحقيبة المستحدثة، وفق المعلومات، يحق لوزيرها المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، لكن لا يحق له التصويت.
جلسة الخميس أقرب إلى أن تكون صوريّة وقد لا يُمنح علّاوي فيها الثقة


في هذا السياق، يؤكّد نائبٌ عن «الديموقراطي»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «خلافنا مع علّاوي حول آلية اختياره الوزراء، فالكرد ينظرون إلى مشاركتهم في الحكومة بوصفها سياسيّة لا خدميّة»، وهو موقفٌ يتعارض مع إصرارهم على «الظفر» بحقائب محدّدة وإحكام قبضتهم عليها، باعتبارها «مكسباً محسوماً» لهم: المالية أو النفط، والعدل، إلى جانب البلديات والإعمار أو التجارة. هذه الحسابات دفعت «القوى الكردية» في أربيل، عقب اجتماع عاجل مع الرئاسات الثلاث في «الإقليم»، إلى الاتفاق على جملة قرارات:
1- تأليف حكومة قادرة على معالجة مشكلات العراق الآنيّة، والتهيئة لانتخابات مبكرة.
2- وصف «الخطوات» التي اتبعها علّاوي في تأليف حكومته بـ«غير المطمئنة... وليست محل ثقة الكثير من أطراف الشعب».
3- الحفاظ على الكيان الدستوري لـ«الإقليم»، وضمان جميع حقوقه الدستورية والمناطق المتنازع عليها.
4- يواصل وفد «الإقليم» حواراته ومشاوراته مع بقية الأطراف السياسيين.
«سُنّياً»، تفجّرت الخلافات داخل البيت الواحد بإعلان زعامة جديدة مناوئة للحلبوسي ورئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، وهي بقيادة مثنى السامرائي ومعه عشرة نواب.
إذاً، لم يعد هناك موقفٌ واحد بل خمسة يمكن إيجازها كما يلي:
1- الموقف الأوّل يرفض تمرير علّاوي، ويتمثّل في «تحالف القوى العراقية» بزعامة الحلبوسي. بعض نوّابه لوّحوا باستخدام ورقة الشارع عبر تظاهرات يتوقّع انطلاقها اليوم (الثلاثاء)، وهو موقف قد يستثمره بعض «القوى السُنّية» للضغط على الرجل لمنحهم أكبر استحقاق حكوميّ ممكن، وإلا فـ«الإقليم السُنّي» قادم لا محالة.
2- الموقف الثاني يدعم علّاوي، ويتمثّل في «جبهة الإنقاذ والتنمية» بزعامة النجيفي الذي أعلن دعمه المباشر، راهناً إيّاه بالمضيّ قدماً في انتخابات تشريعيّة مبكرة.
3- الموقف الثالث يدعم علّاوي، ويتمثّل في «المشروع العربي» بزعامة خميس الخنجر الذي يتماهى موقفه الداعم من عدمه مع موقف مستشار الأمن الوطني، فالح الفيّاض، والقوى التي يدعمها.
4- الموقف الرابع يدعم علّاوي، وهو «تحالف الوطن أوّلاً» بزعامة السامرائي وآخرين انشقّوا جميعاً عن «تحالف القوى» بعد اختلاف مقاربتهم في دعم علّاوي ومنحه الثقة.
5- الموقف الخامس يرفض التمرير ويتمثّل في «القائمة الوطنيّة» بزعامة إياد علّاوي الذي يتناغم حاليّاً مع زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، في موقفه الرافض تكليف علّاوي أو منحه الثقة.
ثمة من يقول إن «التصويت لعلّاوي وفق مبدأ الغالبية الشيعية قد يدفع القوى السُنّية إلى إحياء دعوات إنشاء الإقليم الإداري»، وهذا ما يتعارض مع رؤية النجيفي، لأن جُلّ ما تريده الأطراف «السُنّية» هو الحصول على استحقاق كامل، أي ست حقائب، وإلغاء مفاعيل القرار البرلماني القاضي بإخراج قوات الاحتلال الأميركي من العراق.
أما «شيعيّاً»، فالموقف مقسومٌ على وجهتين: معارضٌ وداعم. في المعارضة، يقف المالكي إلى جانب حيدر العبادي وجزء من «تحالف الفتح» (ائتلاف برلمانيّ يضم الكتل المؤيدة لـ«الحشد الشعبي»). في المقابل، يقدّم زعيم «كتلة بدر»، هادي العامري، و«تحالف سائرون» المدعوم من زعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، دعمهم لعلّاوي. أما «تيّار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، فهو أقرب إلى «الحياد»: إن عُقدت الجلسة وكان «التوجّه العام» تمرير «الكابينة»، فسيكون جزءاً من ذلك، أو العكس.
هذا المشهد دفع العامري والصدر إلى الخروج بتصريحين مغايرين؛ أكّد الأوّل أن «علّاوي ليس أفضل المرشحين لكنّه أفضل الحلول»، فالرجل لم يأتِ بتكليف من «سائرون ـــ الفتح» فحسب، بل بتوافق مع «السُنّة» و«الكرد» أيضاً، لينسف بذلك المواقف الرافضة للرئيس المكلّف من قِبل القوى «السُنّية» و«الكردية». أما الصدر، فأطلق سلسلة تصريحات مفاجئة دعم فيها علّاوي بتأليف فريقه الوزاري الجديد، خاصّةً أنّه أحد خيارات رئيس الجمهورية، برهم صالح، وهو موقف مغاير لتصريحه السابق واعتبار علّاوي «مرشح الشعب».
وترجّح مصادر سياسية حتى الآن صعوبة منح علّاوي الثقة إذا أصرّت القوى على التمسك باستحقاقاتها، بعدما جدّدت كتلة الحلبوسي مقاطعتها الجلسة، ما يجعل مستقبل «كابينة» علّاوي معلقاً على أعتاب قيادة أربيل إذا ما أرادت تمرير التشكيلة الحكومية مقابل منح «الأكراد» ما يطلبون.




يجري خارج منطقة الحجر الصحي في مستشفى مدينة النجف، وسط العراق، علاج مصاب بفيروس «كورونا»، هو طالب إيراني في مدرسة النجف، كان أول حالة مؤكدة في البلاد. ومنع العراق السفر من إيران وإليها قبل أيام، بعد أن توفي في الأخيرة نحو اثني عشر شخصاً بسبب الفيروس الجديد منذ أول ظهور له هناك، الأسبوع الماضي، لكن هذا الطالب دخل قبل القرار الذي شمل أيضاً القادمين من الصين.
(أ ف ب)