لا يمكن فصل الصراع الخليجي - الخليجي عن الداخل الأردني
في الوسط العام، «أثلجت» الزيارة، التي سُرّبت أخبارها قبل أيام من إعلانها رسمياً، صدور جماعة «الإخوان المسلمون»، التي استبشرت بقدوم تميم إلى المملكة، في ظلّ تراجع مشروعها المدعوم قطرياً في الإقليم عامة وعلى المستوى الداخلي الأردني. وكانت الخطوط التي فُتحت بين عمّان والدوحة، حتى قبل عودة العلاقات، أسهمت في تحقيق تقارب بين النظام والجماعة، وخاصة أن الأخيرة خفّفت من أنشطتها المعارضة، وركّزت على دعم الملك في «معركة القدس»، متقاطِعةً في ذلك مع إعلان قطر «دعم جهود عبد الله في تحرّكاته لتثبيت الوصاية الهاشمية على القدس»، منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المدينة «عاصمة لإسرائيل». وهو إعلانٌ لا يبتعد، أقلّه في جزء منه، عن سياق المواقف الهادفة إلى مناكفة كلّ من السعودية والإمارات، اللتين لم تظهرا اكتراثاً بمصالح عمّان في تعاملهما مع خطّة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية. والجدير ذكره أن العلاقات الأردنية - القطرية خُفّضت لنحو 25 شهراً في أعقاب الأزمة الخليجية، قبل أن تنتهي بتعيين قطر سفيراً برتبة أمير لدى الأردن هو سعود بن ناصر بن جاسم، مع استمرار الغزل العلني الذي شمل إعادة فتح مكتب قناة «الجزيرة» في عمّان.
كذلك، تأتي الزيارة بعد إعلان «صفقة القرن»، التي بدت فيها البصمات السعودية - الإماراتية واضحة، في مقابل دور متضائل لقطر. ومن هنا، يقرأ البعض في خطوة تميم محاولة من قِبَل الدوحة لتثبيت موطئ قدم لدى أحد أهمّ الأطراف المعنيّين بالخطة الأميركية، تحسّباً لما يمكن أن يحمله المستقبل على هذا الصعيد. لكن الزيارة تظهر، في الوقت نفسه، شديدة الصلة بمساعي قطر، منذ ما بعد اندلاع الأزمة مع «الأشقاء» عام 2017، إلى تعزيز شبكة علاقاتها في الإقليم والعالم، في مواجهة «معسكر المقاطعة» الذي صبّ جهوده على عزلها. وبمعزل عمّا يُروّج له إعلامياً من دور للأردن في «المصالحة الخليجية»، فإن الدوحة تنظر - على ما يبدو - إلى مسألة العمل على كسب المملكة في صفّها على أنها «إذا لم تنفع، فلن تضرّ»، أي كالتداوي بالأعشاب تماماً. يبقى أنه لا يمكن تحييد الصراع الخليجي عن الداخل الأردني، خصوصاً أن من منظّري طرفَيه شخصياتٍ فلسطينية معنيّة (في أوقات محدّدة) بتحريك الكتلة الفلسطينية في الأردن، والتي باتت مُغيّبة كلّياً عن الأحداث.