وعلى رغم محاولات العدو امتصاص الغضب الفلسطيني، وإعلانه عبر صحيفة «هآرتس» العبرية التخطيط لسلسلة «تسهيلات» إضافية للقطاع، أطلقت المقاومة ثلاث رشقات صاروخية من 21 صاروخاً باتجاه مستوطنات «غلاف غزة» وعسقلان، تبعتها رشقة أخرى بعد ساعات، أفاد شهود عيان بأن دويّها كان كبيراً. وأخفقت منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية، وفق ما أظهرته مقاطع مصوّرة، في التصدّي لكثير من الصواريخ، على رغم تعزيز المنظومة وزيادة عددها في المدن المركزية ومنطقة الغلاف بعد ساعات من حادثة خانيونس. مع ذلك، أعلن جيش العدو اعتراضه عشرة صواريخ، فيما فُتحت الملاجئ في المستوطنات وعسقلان مع إلغاء «الأنشطة المدنية» كافة. وسرعان ما أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عقد جلسة «مشاورات أمنية» مع قيادة الجيش وأجهزة الاستخبارات في مقرّ وزارة الأمن (الكرياه) من دون إعلان نتائج، قبل أن تشنّ طائرات الاحتلال مساءً غارات على مواقع وأهداف متفرّقة في غزة، قال المتحدث باسم جيش العدو، أفيخاي أدرعي، إنها «أهداف تابعة لمنظمة الجهاد الإسلامي». وفي وقت لاحق، أفادت وزارة الصحة في القطاع عن إصابة 4 فلسطينيين في الغارات.
حاول العمادي لجم الموقف بنقل عروض إسرائيلية جديدة، لكن الفصائل رفضت
وكانت «الجهاد» قد باركت ردّ المقاومة من دون أن تتبنّاه رسمياً، مؤكدة أنها في «حالة استنفار في حال تمادي الاحتلال في توسيع عدوانه»، وأنها «مستعدّة للردّ عليه». وبعد ساعات من ذلك، صدر بيان عن «سرايا القدس» أعلنت فيه صراحة «مسؤوليتها عن قصف المغتصبات الصهيونية مساء اليوم (أمس)، ردّاً على اغتيال الشهيد المجاهد محمد الناعم والتنكيل بجسده... سنردّ على أيّ عدوان، وإن عدتم عدنا». وفي وقت سابق، دعت السرايا عناصرها إلى «الاستعداد للقتال»، مُحمّلة الاحتلال مسؤولية الجريمة، كما جاء على لسان المتحدث باسمها، أبو حمزة، الذي قال إن «الاختراق والتوغل لآليات العدو واستهدافها لأحد مجاهدي السرايا داخل غزة بشكل وحشي عدوان واضح يجب على العدو أن يتحمّل نتائجه». من جهته، وصف المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، «تعمّد الاحتلال قتل الشاب الأعزل... والتنكيل بجثته تحت سمع العالم أجمع وبصره» بأنه «جريمة بشعة تضاف إلى سجل جرائمه الأسود».
وعلمت «الأخبار» من مصادر في الفصائل أن اتصالات أجراها العمادي معها تحت عنوان «تفويت الفرصة على العدو للاستمرار في تحسين الواقع الإنساني والاقتصادي»، بما في ذلك جملة المساعدات القطرية التي أعلنها، بالإضافة إلى تحسينات تتعلق بواقع الكهرباء خلال أيام، لكن الفصائل ردّت عليه بأن «ما جرى تجاوز خطير من الاحتلال لا يمكن تمريره أو السكوت عليه»، وخصوصاً أن عملية التنكيل بالشهيد أثارت غضباً كبيراً في الشارع الذي خرجت فيه مسيرات تطالب بالردّ على رغم صعوبة الأوضاع في غزة، فيما رأت المقاومة أن العملية «محاولة لفرض معادلات جديدة في واقع الصراع»، مشددة على أنها «ملتزمة الدفاع عن أبناء شعبنا ولجم الاحتلال عن جرائمه وعدوانه».
في المقابل، أشاد وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينِت، بتنكيل جيشه بجثمان الشهيد الناعم. وقال بينت، في حسابه في «تويتر» أمس: «هكذا ينبغي وهكذا سنفعل. وسنعمل بقوة ضدّ المخربين»، مضيفاً: «سئمنا الانتقادات المنافقة لليسار (الإسرائيلي) ضدّ انعدام الإنسانية باستخدام جرافة من أجل إحضار جثة المخرب إلينا»، علماً بأن هذا الأسلوب ليس جديداً على الجيش الإسرائيلي، لكن لا يجري تصويره دائماً. يشار إلى أن بينت قال في تصريحات، خلال الأسابيع الأخيرة، إنه منذ تعيينه وزيراً للأمن، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يجري «قطف الحمساويين لمصلحة بطاقات مساومة... نخزّن جثث مخربين لكي نوجع ونمارس ضغطاً على الجانب الآخر»، بهدف تسريع عملية تبادل من دون إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون والاكتفاء بتبادل الجثامين. من جهته، توعّد وزير الداخلية الإسرائيلي، أرييه درعي، فصائل المقاومة بالردّ على إطلاق الصواريخ، قائلاً إن «حماس ستتلقى رداً مناسباً... إذا كانت تسعى إلى التصعيد فسوف تتلقى تصعيداً»، على رغم أن التقديرات لدى المقاومة هي أنه مهما كان حجم القصف الإسرائيلي، فلن يتدحرج إلى مواجهة واسعة إلا إذا قرّر الاحتلال بدء «مغامرة كبيرة» قبيل الانتخابات، كاسراً بذلك المعادلات الداخلية كافة.
وفي شأن آخر، أعلن وزير الأمن، بينِت، خلال تدشينه بؤرة استيطانية جديدة باسم «نوفي كراميم» أمس في مدينة الخليل المحتلة جنوب الضفة المحتلة، أنه صدّق على تخطيط مشروع المصعد في الحرم الإبراهيمي في المدينة. ويقتضي المشروع مصادرة أراضٍ فلسطينية في الخليل، لإقامة طريق لمرور زوار الحرم من اليهود ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن إقامة مصعد لهم.