بخطوات متسارعة، يراكم العدوّ الإسرائيلي ضغوطه على الفلسطينيين في الداخل المحتل عموماً، ومنهم أبناء طائفة الموحّدين الدروز، بهدف تفكيك وحدة الشعب الفلسطيني وتثبيت يهودية الدولة.
وبعيداً عن أساليب القمع والترغيب والاعتقالات ومصادرة الأراضي والتنكيل المعيشي عبر منع السفر والعمل، والإخضاع العام عبر الخدمة الإلزامية، يعمل العدوّ بالتوازي على الحملات الإعلامية المكثّفة للترويج لعلاقة «مميّزة» بين «اليهود» و«الدروز». غير أن هذه الدعاية التي دائماً ما تُبث عبر التصريحات الإعلامية ووسائل الإعلام العبرية، تتولّى مجموعة من الوجوه المتعاملة مع العدوّ تروجيها، من نوّاب في الكنيست إلى رجال دين وشخصيات اجتماعية.

آخر الصيحات، يُعدّ العدوّ عبر واحدٍ من عملائه، المدعو قفطان الحلبي، رئيس ما يسمّى «جمعية دعم الجندي الدرزي»، لفاعليات «أسبوع الشكر السنوي للدروز المدافعين عن إسرائيل»،بهدف حثّ اليهود في العالم على توجيه رسائل شكر للدروز عبر وسائل التواصل الإجتماعي.

الحلبي حديث الشهرة، من بلدية دالية الكرمل في شمال فلسطين المحتلّة، ويعمل في مجال التكنولوجيا، بين الولايات المتحدة الأميركية وتل أبيب. ويتزامن خروج الحلبي إلى الضوء، مع خفوت نجم وزير الاتصالات السابق أيوب القرا المقرب من رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الذي ابتعد بعد خسارته في انتخابات حزب الليكود. ويبدو الحلبي، واحداً من المحظيين لدى اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، الذي كَرَّمَه في الربيع الماضي، ويملك شبكة واسعة من العلاقات في أميركيا وأوروبا.

وبحسب التفاصيل المنشورة على موقع مخصص للحملة، فإن ما يطالب به القيّمون عليها، هو تسجيل الفيديوهات ونشر التغريدات والصور، التي تعبّر عن «امتنان الشعب اليهودي للدروز لمساعدتهم في حماية إسرائيل». ويلجأ منظّمو الحملة إلى الإشارة إلى بضع أحداث حصلت خلال السنوات الماضية، التي لعب فيها جنود فلسطينيين دروز أدواراً، وجرى تسليط الضوء عليها بشكل كبير من قبل الإعلام العبري واستغلالها خلال الانتخابات.
الحلبي محظي لدى اللوبي اليهودي في أميركا وظهر بعد اختفاء أيوب القرا


الحملة الإعلامية الجديدة، تأتي بلا شكّ في وقت مصيري بالنسبة لمستقبل الصراع في فلسطين المحتلّة، مع إعلان الرئيس الأميركي ما يسمى بصفقة القرن. فعلى مدى السنوات الماضية، عمل العدوّ على تفكيك وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل، عبر مجموعة من القوانين التي تقسّم الفلسطينيين إلى «شعوب» دينية وعرقية، مثل اعتبار المسيحيين الموارنة «الشعب الآرامي» والدروز «الشعب الدرزي»، والبدو، وتمييزهم عن غيرهم من الفلسطينيين في الداخل والقدس والضفة الغربية.

ولا تنفصل تلك المحاولات لزرع الشقاق بين الفلسطينيين، مع التصريحات الإعلامية التي أطلقها أكثر من مسؤول بارز في الكيان، حول نيّة إسرائيل التدخّل لحماية أبناء محافظة السويداء في جنوب سوريا خلال سنوات الحرب من الهجمات التكفيرية، من خلفيّة دينية، بهدف خلق الشقاق أيضاً داخل النسيج السوري وتسويق دور إسرائيل كحامية للأقليات، بينما كانت إسرائيل تدعم الجماعات التكفيرية بشكل علني. في ذات الوقت، تضطهد السوريين في الجولان السوري وتصادر أراضيهم وتضيق عليهم الخناق، كما فعلت في القرن الماضي مع مصادرة 80% من أملاك الفلسطينيين الدروز، والتعمية عن هذه الحقائق.

ويحرص العدوّ على طمس الحقائق أيضاً والأرقام حول أعداد الفلسطينيين الدروز من رافضي الخدمة الإلزامية، كما على منع أي تواصل بين الفلسطينيين ووبين سوريا ولبنان، كما حصل مع وفد «لجنة التواصل» التي منعت من زيارة سوريا قبل أشهر، وصودرت جوازات سفر بعد الناشطين فيها وغّرم آخرون بمبالغ كبيرة.