لم يكن القرار الرسمي بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لرجل الأعمال السوري الشهير، رامي مخلوف، وإرغامه على دفع رسوم وغرامات مستحقّة للخزينة العامة في قضايا جمركية، وفق ما جاء في قرار وزير المالية السوري، بداية القصة. فالبداية سُجّلت قبل أشهر مع إقفال مكاتب «الحزب السوري القومي الاجتماعي» (تنظيم الأمانة العامة)، الذي يموّله مخلوف، والمنشقّ عن «المركز» في بيروت. حادثة شكّلت مؤشراً لما سيأتي في الأيام اللاحقة.
لم يستثنِ الحجز الاحتياطي رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، الذي يُعدّ أحد أكثر المقرّبين من الرئاسة (من الويب)

سرعان ما سرت أخبار في الأوساط الرسمية والمقرّبة من القيادة السورية عن أن ثمة خلافاً بين الرئيس بشار الأسد، وابن خاله المقرّب الملياردير مخلوف، ليتمّ نفيها لاحقاً. عقب ذلك، عادت أحاديث مشابهة لتطاول مخلوف وأعماله واستثماراته في سوريا، غير أنها أشارت هذه المرة إلى وضع الرئاسة السورية يدها بشكل مباشر على «جمعية البستان الخيرية» التي أنشأها مخلوف خلال الحرب. ووفقاً لمصادر خاصة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن الجمعية باتت تحت إشراف القصر الجمهوري بعد كفّ يد المسؤولين عنها، إضافة الى إعفاء مديرة «سيريا تل» اللبنانية ماجدة صقر من منصبها، وإبلاغها بأنها «غير مرغوب بها على الأراضي السورية»، قبل أن يسوّى أمر وجودها في سوريا بحكم أنها متزوجة من سوري.
بالتوازي مع ذلك، تمّ تداول معلومات عن تورّط عدد من إداريّي استثمارات مخلوف وشركاته في قضايا متعلّقة بشركات لبنانية تعمل على تخديم تقني لشركة «سيريا تل» وفق عقود مالية، «ليتبيّن لاحقاً أن لهذه الشركات مالكاً واحداً هو مخلوف نفسه، من غير علم الدولة السورية». وترى مصادر سورية مطلعة أن وضع استثمارات مخلوف «بات صعباً للغاية»، ولا سيّما أن «هذه المخالفات المتتالية جاءت في وقت استحقاق مهم بالنسبة إلى القيادة السورية، التي رفعت مرات عدة لواء الإصلاح ومكافحة الفساد». وبحسب المصادر، فإن «القيادة السورية متحمّسة للغاية للفرصة السانحة حالياً لمحاربة الفساد عبر تحجيم دور كبار الفاسدين، ومصادرة ما جنوه من أموال». ومن المنتظر أن يدفع مخلوف مليارات عدة قبل أن يُسوّى وضعه القانوني والمالي داخل الأراضي السورية، تماشياً مع السياسة الاقتصادية الجديدة المتمثّلة في جباية الأموال من مستفيدين وفاسدين عاشوا طيلة سنوات الحرب على امتيازات قدّمتها الدولة لهم لقاء خدمات اقتصادية يُسدونها لها.
تشهد أوساط رجال الأعمال المقرّبين من المجموعة الحاكمة حالة اضطراب


وتشهد أوساط رجال الأعمال المقرّبين من المجموعة الحاكمة حالة اضطراب، على خلفية قرار حكومي بالحجز الاحتياطي على أموال عدد كبير من هؤلاء. قرار ترى فيه العشرات من الشخصيات التي تملك أكبر المنشآت الاقتصادية فرصة لجمع مبالغ هائلة تسمح لها بالعودة إلى كنف الدولة باستثمارات فاعلة خلال مرحلة إعادة الإعمار المرتقبة. ومن بين قوائم الحجز الاحتياطي، ظهرت شركة «الجزيرة المتحدة للنقل العام وتجارة المشتقّات النفطية والخدمات النفطية» (المسجّلة في بيروت)، ورجل الأعمال المعروف أيمن جابر، وأحد مساعديه الرئيسين فايز شاهين. واسم أيمن جابر كان برز في السنوات السابقة على خلفية تأسيسه وشقيقه محمد تنظيماً مسلحاً رديفاً للجيش السوري، هو «صقور الصحراء»، إضافة الى استثماراتهما الكبيرة في مجال النفط. غير أن جابر خرج من البلاد إثر خلافات مع أحد أفراد عائلة الأسد في اللاذقية.
كما يشمل القرار الحجز الاحتياطي على أموال عمّ زوجة الرئيس بشار الأسد، طريف الأخرس، وأبنائه وشركاته، إلا أن الأخرس تمكن من التوصّل إلى تسوية مع إدارة الجمارك قضت بتسديد ما يترتب عليه حيال مخالفة جمركية قديمة منذ عام 2012، الأمر الذي يسمح برفع الحجز الاحتياطي عن أمواله وأموال أولاده وزوجاتهم، بما فيها شركة «مصانع الشرق الأوسط للسكر المساهمة المغفلة»، و«شركة تاج للاستثمارات الصناعية المساهمة المغفلة»، وغيرهما. وفي السياق ذاته، أصدرت «الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش» بياناً أعلنت فيه انتهاءها من تدقيق جزء من ملف وزارة التربية المتعلق بالعقود والمشتريات في عهد وزير التربية السابق هزوان الوز، مع الكشف عن وجود تلاعب في العقود. وألزمت الهيئة، الجهة المتعهدة، ممثلة برجل الأعمال النائب محمد حمشو، بإعادة أموال الوزارة التي تزيد على 90 مليار ليرة مع الغرامات والفوائد وفرق سعر الصرف. وذكرت مصادر، لـ«الأخبار»، أن «حالة استنفار تسود شركات يملكها حمشو، ما أفضى إلى جمع أكثر من ربع المبلغ حتى اللحظة»، لافتة الى أن «لا مجال بالنسبة إلى الرجل للتهرّب من دفع ما يترتب عليه من التزامات مالية تجاه الدولة السورية». يأتي ذلك بالتزامن مع قرار آخر يقضي بالحجز على أموال رئيس «اتحاد كرة القدم» السابق، شقيق زوجة حمشو، فراس الدباس، وزوجته وعدد من أقاربه.