يتمثل الأمن القومي المصري حالياً في سلامة حقول الغاز
ووسط الترقّب لمواقف النظامين التونسي والجزائري الجديدين، تَواصل المصريون مع تونس والجزائر خلال الأيام الماضية عبر السعودية والإمارات، وذلك لوضعهما على الخطّ الداعم لحفتر، أو على الأقلّ تحييدهما بقطع الطريق على تحالفهما مع حكومة السراج، ولا سيّما بعد زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى تونس، وطلبه استغلال الأراضي التونسية لمساعدة القوات التركية في تنفيذ تدخلها في الأراضي الليبية وفق ما تحدثت عنه بعض الأنباء، وهو ما تراه مصر تحدّياً مباشراً من إردوغان للرئيس عبد الفتاح السيسي. وتقول مصادر قريبة من الرئاسة إن الدولة حسمت موقفها بتجنّب الاشتباك المباشر، «إلا في حال تهديد الأمن القومي المتمثل في حقول الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط... ما دون ذلك سيكون التحرك في إطار عربي عبر الجامعة العربية أو دولي عبر الأمم المتحدة»، علماً أن السعي المصري إلى الحسم العسكري، والتشديد على حفتر لتحقيق إنجازات على الأرض، يعاكسان المُعلَن رسمياً بالبحث عن حل سياسي.
من جهة أخرى، تستغلّ القاهرة التدخل التركي في التحشيد داخلياً لاكتساب «شرعية» إضافية، من منطلق أن أنقرة تهدّد الأمن المصري أكثر من أيّ وقت مضى، وهو ما يحتاج إلى «التوحد خلف القيادة لمواجهة أيّ اعتداءات». سردية تعزّزها الدولة بالحديث عن «نشاط ملحوظ لجماعة الإخوان المسلمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي يطالب السيسي بالرحيل وألّا يورط الجيش... صدرت التعليمات باستغلال هذه الحملات لإظهار رغبة الإخوان في العودة إلى السلطة عبر بوابة تركيا التي تستضيف أعداداً كبيرة من أعضاء الجماعة الصادرة بحقهم أحكام قضائية نهائية بالحبس والإعدام». وترى القاهرة أنه إذا تمكّن السراج من الحفاظ على موقعه في السلطة، فستكون تركيا قادرة على تكوين قاعدة ارتكاز لمقاتلين إسلاميين متطرفين يمكنها استخدامهم لإعادة إحياء مشروع الإسلام السياسي في مصر، فضلاً عن المكسب الاقتصادي الرئيس المتمثل في سيطرتها على خامس احتياطي نفطي في العالم، ومن ثمّ تهديدها «منتدى غاز شرق المتوسط» الذي تبنّته مصر.