هدوء حذر تشهده خطوط التماس بين الجيش السوري و«قسد» من جهة، والفصائل المدعومة من تركيا من جهة أخرى، في منطقة شرق الفرات، رغم العرقلة الكردية لحركة التنقل على الطريق الدولي. كما يجري الحديث عن إرسال تركيا تعزيزات شكلية من مسلحي الفصائل الموالية لها إلى إدلب، بالإضافة الى ورود معلومات من مصادر عدة عن بدء أنقرة إرسال مسلحين إلى ليبيا.انعكس التصعيد العسكري في جبهات إدلب هدوءاً ميدانياً على جبهتَي تل أبيض ورأس العين في شرق الفرات، في الوقت الذي يشهد فيه الطريق الدولي «M4» عرقلة كردية لإعادة فتحه أمام القوافل التجارية ووسائل النقل العامة، كما كان مفترضاً. فبعد مرور أكثر من أسبوعين على إعلان الجيش السوري فتح طريق حلب - الحسكة الدولي، يشهد الطريق حركة محدودة للمدنيين من أهالي المنطقة المتنقّلين بين محافظتَي الحسكة والرقة. وعلى الرغم من عدم تسجيل أيّ خروقات على الطريق من قِبَل فصائل «الجيش الوطني» المتمركزة في الجهة الشمالية منه، إلا أن «M4» لم يشهد حتى الآن أيّ نشاط للقوافل التجارية ووسائل النقل العامة. ويعود هذا الجمود إلى منع «الأسايش» الكردية الموجودة في بلدتَي عين عيسى وتل تمر، المدنيين ووسائل النقل العامة والشاحنات، من عبور الطريق بدعوى أنه غير آمن، مع أن الجيش السوري منتشر على كتفه الجنوبي. وبحسب مصادر أهلية تحدثت لـ«الأخبار»، فإن «الأسايش أبلغت سكان بلدتَي تل تمر وعين عيسى بعدم سلوك الطريق نظراً لتواجد المسلحين في الجهة الشمالية منه، ما يعرّض حياتهم وممتلكاتهم للخطر»، وأضافت المصادر أن «الأسايش أكدوا أن هناك وعوداً روسية بإبعاد المسلحين لأكثر من 5 كم شمال الطريق، وتعهّدوا بأنهم سيسمحون بفتح الطريق بعد إتمام المسلحين انسحابهم وفق المسافة المتفق عليها».
في هذا الوقت، ثبّت الروس نقطة مراقبة دائمة لهم في محطة أبقار تل تمر شمالي البلدة، لاتخاذها نقطةً لتسيير دوريات مراقبة باتجاه الطريق الدولي (M4)، وريفَي رأس العين الجنوبي والشرقي، وعلى خطوط التماس في تلك المناطق. وتزامنت هذه التحركات مع سريان معلومات عن بدء الجانب الروسي «تطويع» السكان المحليين في تل تمر وعامودا في قوات يعتزم إنشاءها، بالتعاون مع «الوحدات» الكردية في المنطقة. ووفق وكالة «الأناضول» التركية، فإن «المرحلة الأولى من الخطة الروسية تستهدف تطويع 400 شاب، مع تدريبهم من قِبَل الوحدات الكردية، في مهمة حماية القواعد والنقاط العسكرية الروسية في تل تمر وعامودا». لكن مصادر معنية بالتنسيق مع الروس نفت، في حديث إلى «الأخبار»، «وجود أيّ نية لدى الجانب الروسي للعمل مع الأكراد لتطويع مقاتلين»، موضحة أن «مثل هذه الخطوات عادة ما تتم بالتنسيق مع الجانب الحكومي، وبمشاركته». وبيّنت المصادر أن «الجانب الروسي يسعى لضمّ قسد إلى الجيش السوري، ولا يعمل مطلقاً على تشكيل فصائل مسلحة خارج إطار السيادة الوطنية السورية»، مستدركاً بأن «فكرة تشكيل فيلق مشابه للفيلق الخامس في الجزيرة السورية موجودة، لكنها قد تكون مؤجلة إلى حين نضوج الظروف المناسبة لذلك».
بدأت مجموعات تابعة لـ«الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة بالتحرك باتجاه مدينة إدلب


من جهة أخرى، علمت «الأخبار»، من مصادر ميدانية، أن مجموعات من فصائل «السلطان مراد» و«أسود الشرقية»، التابعتين لـ«الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة، بدأت بالتحرك باتجاه مدينة إدلب، تلبيةً لنداء وزارة الدفاع في «الحكومة المؤقتة» التابعة لـ«الائتلاف السوري المعارض»، وبإشراف الجانب التركي. وكانت وزارة الدفاع في «الحكومة المؤقتة» أصدرت بياناً أكدت فيه أنه «تمّ البدء بتسيير المؤازرات من تشكيلات الجيش الوطني الموجودة في منطقتَي درع الفرات وغصن الزيتون إلى خطوط التماس في الشمال الغربي لدعم تشكيلات الجيش الوطني المرابط هناك». ووفق المعطيات الميدانية، فإنه «تمّ تسيير أول دفعة مكونة من 200 مسلح من رأس العين وتل أبيض باتجاه جرابلس لإلحاقهم بالمعارك ضد الجيش السوري في إدلب». ورأت مصادر مطلعة أن «هذه الخطوة هدفها محاولة تبييض صورة تركيا، والظهور بمظهر الوقوف إلى جانب الفصائل في معركتها في إدلب»، معتبرة أن تلك «التعزيزات شكلية ولا تُغير في مسار المعركة».
على خطّ موازٍ، تداولت وسائل إعلام معارضة أخباراً عن بدء أنقرة تجهيز مسلحين من الفصائل الموالية لها في الشمال والجزيرة السورية، لنقلهم إلى ليبيا للمشاركة في المعارك الدائرة هناك. وأفاد موقع «ستيب» المعارض بأن «اجتماعات عديدة حصلت بين قادة الفصائل المسلحة وضباط استخبارات أتراك، انتهت بالاتفاق على تجهيز قوائم بأسماء وأعداد الراغبين بالالتحاق بالمعارك في ليبيا»، مضيفة أنه «من المحتمل أن يحصل المقاتلون الراغبون في القتال هناك على راتب شهري يصل إلى ألفي دولار أميركي». ووفقاً لبعض المصادر، فإن فصيلَي «السلطان مراد» و«المعتصم» (يغلب عليهما العنصر التركماني) هما مَن سيتصدّيان لهذه المهمّة، التي سيتولى عملية تنسيقها قائد الفرقة الأولى فهيم عيسى. وتضيف المصادر أنه تمّ فتح مراكز تجنيد في عفرين وقرى مجاورة، في حين تتحدث معلومات أخرى عن أن عدداً من المقاتلين وصلوا بالفعل إلى ليبيا عبر البحر. وجاء تداول تلك الأنباء بالتزامن مع اتهام المتحدث باسم القوات الموالية للواء خليفة حفتر، أحمد المسماري، المخابرات التركية، بـ«القيام بنقل عناصر من تنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا». أما على المستوى الرسمي السوري، فلم يصدر أيّ تعليق في هذا الشأن، باستثناء قول وزير الخارجية، وليد المعلم، رداً على سؤال حوله، إن السؤال «يجب أن يُوجَّه إلى تركيا، لأنها هي من تقوم بذلك». وعلى صعيد متصل، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحث مع أعضاء مجلس الأمن الفدرالي الأوضاع في ليبيا وسوريا. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن المشاركين في الاجتماع ركّزوا على «مشكلة تصاعد الأنشطة الإرهابية في إدلب»، كما دعوا إلى «دعم الجهود الدولية الرامية إلى التسوية في ليبيا».