في خلفية تلك التهمة، توضح المصادر أن صالح عمد إلى تقديم طلب مستعجل إلى «المحكمة الاتحادية العليا»، تضمّن تعريف «الكتلة النيابية الأكبر»، لتخويلها تسمية رئيس للوزراء بعد استقالة عادل عبد المهدي. وكان «البناء» قد قدّم لصالح، في لقاء جمع موفدين عنه برئيس الجمهورية الخميس الماضي، مرشحه لرئاسة الوزراء، وزير التعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال قصي السهيل. ونُقل عن صالح أنه «أكد لوفد كتلة البناء، عقب لقائه ممثلين عن التظاهرات والفعاليات الاجتماعية، أن المرشح لا تنطبق عليه الشروط المطروحة لضمان السلم الاجتماعي، وأنه لن يقدّمه حالياً، ولن يقدّم أيّاً من الأسماء الأخرى المطروحة قبل توضيح دوره في الاختيار كرئيس للجمهورية وحامٍ للدستور، وقبل أن تفصل المحكمة الاتحادية في آليات إعلان الكتلة الأكبر في هذه المرحلة الانتقالية الحساسة». جوابٌ فهم منه ممثلو «البناء» أن صالح يريد شراء المزيد من الوقت، لغاية في نفسه.
قدّم صالح طلباً إلى «المحكمة الاتحادية العليا»، تضمّن تعريف «الكتلة النيابية الأكبر»
وسبق لـ«الاتحادية العليا» أن أجابت عن سؤال «الكتلة الأكبر» عقب الانتخابات التشريعية عام 2010، بالقول إن «الكتلة الأكبر هي التجمّع المكوَّن من أكبر عدد من النواب في الجلسة البرلمانية الأولى، وليست الكتلة التي تصدّرت نتائج الانتخابات». وفي هذا الإطار، تشير المصادر إلى أن حُجّة صالح ــــ حالياً ــــ هي «عدم تسجيل رئاسة البرلمان، في الجلسة التشريعية الأولى التي عُقدت خريف 2018، الكتلة الأكبر»، على رغم أن «البناء» وحلفاءه، عند ترشيحهم للسهيل، جمعوا تواقيعهم ورفعوها إلى رئاسة الجمهورية، مثبتين بذلك أنهم «الكتلة الأكبر»، إلا أن رئيس الجمهورية أصرّ على عدم الأخذ بما تقدّموا به، وهو ما عُدّ من قِبَلهم «انتهاكاً للدستور»، و«نقضاً لاتفاقٍ عُقد الخميس الماضي، يقضي بإصدار كتاب تكليف السهيل بعد ظهر الجمعة». وفيما تقول مصادر رئيس الجمهورية إن صالح متمسك ببيان «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) من جهة، واستفتاء المحكمة من جهة أخرى، ترى مصادر سياسية أن الرجل يسعى إلى الحفاظ على نفسه أمام الشارع بوصفه «الضامن له»، وفي الوقت نفسه الابتعاد عن أيّ مواجهة بين العامري وزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، سيكون هو «كبش الفداء» فيها.
وعلى خطّ التكليف، لا يزال السهيل الأوفر حظّاً لتسنّم المنصب العتيد. ووفقاً للمعلومات، فإن الرجل يواصل تحضيراته لتسلّم مهماته خلال الساعات القليلة المقبلة، في ظلّ توقّعات بأن يصدر كتاب التكليف غداً الأحد على أبعد تقدير. إذ عقد السهيل جملة لقاءات بممثلي الأحزاب، كان آخرها مع وفود من القوى «السنية» و«الكردية»، للاستماع إلى مطالبها. جاء ذلك في وقت دعت فيه «المرجعية»، أمس، في بيانها الأسبوعي، إلى «عدم التأخر طويلاً في تشكيل الحكومة الجديدة»، في حين برز قولها إنه «لا بدّ من أن تكون (الحكومة) حكومة غير جدلية»، وهو ما أتبعته بجملة مهمات منوطة بالتشكيلة الوزارية المقبلة، وعلى رأسها استعادة هيبة الدولة وتهدئة الأوضاع، وإجراء الانتخابات القادمة في أجواء مطمئنة بعيدة عن «التأثيرات الجانبية للمال أو السلاح غير القانوني وعن التدخلات الخارجية». وفيما ذهب البعض إلى تفسير موقف «المرجعية» بأن ثمة «فيتو» من قِبَلها على السهيل، نفى آخرون وجود شيء من هذا القبيل، ذاهبين إلى أنها قصدت «عدم المماطلة أو التأخير والتسويف كما جرت العادة مع الحكومات السابقة، وأيضاً عدم الدخول في بورصة بيع المناصب وشراء الحقائب مثلما حصل سابقاً».