بغداد | طُويت، أمس، صفحة «المهلة الدستورية» التي تلزم «الكتلة النيابية الأكبر» اختيار بديل من رئيس الوزراء المستقيل. 15 يوماً استنفدتها القوى والأحزاب السياسية بشكل كامل في مسيرة البحث عن «خليفة» عادل عبد المهدي. حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، ظلّ حديث «الإجماع» يدور حول وزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة، قصي عبد الوهاب السهيل، لتسنّم المنصب العتيد. ومع أن التوقّعات كانت بإصدار رئيس الجمهورية، برهم صالح، مع ساعات الفجر الأولى، كتاب تكليف السهيل، ليبدأ الأخير رحلة التأليف، والتي حدّدها الدستور وفق المادة 76/ ثانياً «خلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف»، إلا أن ذلك أُجّل إلى ما بعد ظهر اليوم، حيث تكون «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) قد أصدرت بيانها الأسبوعي، وبيّنت ولو بشكل ضمني موقفها من البديل المطروح.وفق معلومات «الأخبار»، فإن السهيل هو الأوفر حظّاً للظفر بالمنصب، لما يحظى به من دعم سياسي ــــ برلماني، وتحديداً من قِبَل «تحالف البناء» (ائتلاف «الفتح» بزعامة هادي العامري و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، وآخرين)، الذي ضَمِن دعماً برلمانياً لمرشّحه من قِبَل أطراف أخرى من داخل المكوّنين «السني والكردي». وإذ تُرجّح مصادر سياسية مطلعة إصدار كتاب تكليف السهيل خلال الساعات القليلة المقبلة، فهي تربط التأجيل بانتظار موقف «المرجعية»، الذي من شأنه، إذا حمل إشارات سلبية، أن يعيد الأمور إلى المربع الأول، أو التمهيد لإخراج «خيار ثانٍ وسريع»، تفضّل المصادر التكتّم عليه «خوفاً من إسقاطه». أما إذا كُلّف السهيل رسمياً، فسيكون ذلك مكسباً لحلفاء طهران، الذين اعتبروا إسقاط عبد المهدي «مطلباً أميركياً»، وفق ما وصفه به الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، معتبراً أن «الرئيس المستقيل يُعاقَب لرفضه المضيّ في مشاريع تخدم المصالح الأميركية في العراق».
وفي سياق المحاولات الأميركية المستمرة لاستثمار الحراك الشعبي الأخير في عملية تقويض «النفوذ الإيراني»، حطّ نائب وزير الخارجية الأميركي، ديفيد هيل، أمس، في بغداد، مُطلِقاً من هناك سلسلة اتهامات ضد طهران وحلفائها، من بينها استهداف قواعد بلاده العسكرية المنتشرة في العراق، واستخدام العنف ضد المتظاهرين. وفي لقاء تلفزيوني، وصف هيل إيران والمحسوبين عليها بـ«الطرف الثالث» الذي يستهدف المتظاهرين، مؤكداً أن إدارته «ستواصل فرض عقوبات على العراقيين الضالعين في الفساد والعنف ضد المتظاهرين»، محتفظاً ــــ في الوقت عينه ــــ بحق إدارته في «حماية مصالحنا جرّاء القصف المتكرّر على قواعدنا». وعلى خطّ التأليف الحكومي، لفت هيل إلى أن «واشنطن لا تتدخل في تشكيل الحكومة، كما تفعل طهران»، وهو اتهامٌ سبق أن رفضته إيران على لسان وزارة خارجيتها قبل أيام. وفي هذا الإطار، يبدو لافتاً بالفعل السكون الأميركي حيال موضوع التأليف الحكومي، وهو ما يفسره البعض بأنه محاولة لفهم ما يجري في «بلاد الرافدين»، في ظلّ العجز عن فرض رئيس للحكومة أو عرقلة خيار يتبنّاه حلفاء طهران.