مساعٍ جديدة يبذلها تحالف العدوان لانتزاع مدينة المخا من محافظة تعز، ومدينة سيئون من محافظة حضرموت. مساعٍ تكمن في خلفيّتها إرادة «التحالف» إعلان محافظة جديدة باسم محافظة باب المندب بدأ التحضير لها منذ ثلاث سنوات، وأيضاً تقسيم حضرموت إلى محافظتين خدمةً للمشاريع السعودية الممتدّة من وادي حضرموت حتى منفذ شحن الواقع في محافظة المهرة على الحدود اليمنية - العمانية. غير أن تلك المحاولات لا تزال تواجَه برفض شعبي كبير في كلّ من حضرموت وتعز.وتلعب حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، دوراً بارزاً في الدفع باتجاه تحقيق رغبات «التحالف»، إذ أعلن وزير الإدارة المحلية في حكومة هادي، عبد الرقيب فتح، أخيراً، أن «تقسيم محافظة حضرموت إلى محافظتين (إحداهما ساحلية والأخرى صحراوية) أصبح أمراً واقعياً لا بدّ من تنفيذه»، مشيراً إلى «وجود لجنة رئاسية تضمّ وزير الإدارة المحلية ومسؤولين في حكومة هادي إلى جانب ثلاثة خبراء سعوديين وخبير فرنسي من أجل وضع دراسة كاملة من مختلف النواحي الجغرافية والإدارية والمحلية والسياسية»، متوقعاً «صدور قرار رئاسي بالإعلان عن المحافظة الجديدة في حدّ أقصاه مطلع السنة الميلادية الجديدة». وكان عدد من المشايخ الحضرميين، والذين يحملون جنسيات سعودية، طلبوا، الشهر الماضي، خلال لقاءات جمعتهم بممثلين عن حكومة هادي بترتيب سعودي، البدء بإجراءات تقسيم المحافظة، علماً أنهم هم أنفسهم مَن كانوا قدّموا طلباً إلى الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، منتصف عام 2015، بضمّ حضرموت الوادي والصحراء إلى الأراضي السعودية، وهو ما تسعى إليه الرياض منذ أكثر من 20 عاماً من أجل تأمين حدودها البرية الواسعة مع هذه المحافظة، من منفذ الوديعة ومناطق قبائل الصيعر الحدودية، وصولاً إلى منطقة ثمود الغنية بالنفط ومناطق محافظة المهرة التي أصبحت أشبه بثكنة عسكرية سعودية. كذلك، يصبّ مخطط تقسيم حضرموت في مصلحة مساعي المملكة لتنفيذ مشروع «قناة سلمان» التي استُكملت الدراسات الإجرائية في شأنها نهاية عام 2015، وهي تُعدّ قناة مائية تمتدّ من بحر العرب، مروراً بالحدود العمانية واليمنية التي أصبحت تحت السيطرة السعودية العسكرية منذ أكثر من عام، وصولاً إلى داخل المملكة عبر الربع الخالي، بطول 950 كيلومتراً وعرض 500 كيلومتر.
التوجّه إلى تقسيم حضرموت يوازيه قيام السعودية بتعزيز قبضتها على ميناء نشطون في المهرة


التوجّه إلى تقسيم حضرموت، البالغة مساحتها 193,032 كيلومتراً مربعاً، بذريعة ضبط الأمن ومكافحة الإرهاب ومنع تهريب المخدرات على الحدود مع السعودية، يوازيه قيام السعودية بتعزيز قبضتها على ميناء نشطون النفطي في محافظة المهرة، في إطار مساعيها لتمرير مشروع أنبوب النفط السعودي أيضاً. ووفقاً لمصدر في «المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى»، فإن الرياض عزّزت وجودها العسكري في المحافظة، ونشرت فيها أكثر من 17 معسكراً مدعماً بمختلف الأسلحة الثقيلة، بالإضافة إلى عشرات المواقع العسكرية. كما تسعى إلى تأسيس ميليشيات موالية لها هناك، بتواطؤ تام من قِبَل حكومة هادي التي تتجاهل حراك أبناء المهرة الرافض للوجود السعودي على أراضيهم، والذي بلغت صلافته حدّ قيام قوات سعودية قبل أيام باعتقال العشرات من اليمنيين في منفذ شحن الحدودي بين المهرة وعمان، ونقلهم إلى الرياض.
أما في تعز، فقد بدأت حكومة هادي، في خلال الأيام الماضية، تنفيذ مخطط آخر كانت الإمارات قد عجزت عن تنفيذه خلال السنوات الثلاث الفائتة، عندما حاولت أكثر من مرة إعلان باب المندب محافظة مستقلة تضمّ جميع المديريات المطلّة على المضيق الدولي، إلا أنها قوبلت باعتراض كبير من قِبَل السلطات المحلية وقيادات عسكرية في تعز. مشروع أبو ظبي هذا، والذي هدفت من ورائه إلى ضمّ جزيرة ميون للمحافظة الجديدة وإلحاق عدد من مديريات محافظة لحج كرأس العارة وذوباب بمديريات محافظة تعز المطلة على المضيق الدولي كموزع والبرح والتربة ومناطق مثلث البيرين والكدحة على أن تكون عاصمة «باب المندب» مدينة المخا التاريخية الواقعة على بعد 100 كيلومتر غربي تعز، تتولّاه اليوم حكومة هادي بتوجيهات سعودية، بعدما تسلّمت الرياض قبل شهرين قيادة العمليات في الساحل الغربي. وأصدر النائب العام الموالي لهادي، قبل أيام، قراراً بمنح وكيل نيابة المخا صلاحيات النظر والتصرف في القضايا الجنائية الواقعة في نطاق اختصاص المديريات التابعة لمحافظتَي تعز والحديدة، وهو ما عدّه ناشطون تمهيداً لفصل مديرية المخا عن محافظة تعز، فيما طالب مجلس تنسيق النقابات ومنظمات المجتمع المدني في تعز بإلغائه بسرعة، معتبراً أنه يخدم أجندة غير وطنية.