ستعمل موسكو خلال الفترة المقبلة على تكثيف اللقاءات مع الأكراد والحكومة
وأعطت خطوة إعلان الطريق آمنةً عيّنة، يمكن البناء عليها، عن نجاح التنسيق العسكري الروسي ــــ التركي المشترك، من خلال إنجاز أهمّ خطوة في «مذكرة سوتشي» الموقّعة بين الرئيسين الروسي والتركي. وبدخول الاتفاق حيز التنفيذ، فإن مقطع الطريق الدولية الرابطة بين عين عيسى وتل تمر، بطول يتجاوز 130 كلم، بات خارج الحسابات العسكرية التركية. كذلك، أثبت هذا الإعلان قدرة روسيا على كسب ثقة الأطراف كافة لإنجاز تسويات إضافية تُجنّب الشمال السوري المزيد من التصعيد. ولعلّ النجاح الروسي الأبرز هو في القدرة على إخراج عين عيسى وتل تمر من دائرة التهديدات التركية، ووقف المدّ العسكري التركي الذي سعى عبر هجمات مكثفة إلى السيطرة على البلدتين الاستراتيجيتين. كما كشفت خطوة تأمين الطريق الدولية عن ثقة كردية بالروس، يُفترض أن تفتح الباب أمام إنجاز اتفاقات أخرى، وخاصة في ما يتعلق بالبحث عن آلية للتوافق مع الحكومة السورية لإنهاء تعقيدات ملف الشمال، وإعادته إلى سلطة دمشق. وبرز هذا التوجّه الروسي من خلال تصريح المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، خلال مشاركته في محادثات أستانا منذ يومين، حيث شدد على أن «سوريا يجب أن تدار من الحكومة المركزية، مع إمكانية السماح ببعض عناصر الحكم الذاتي (...) والتي يجب مناقشتها ووضع اللمسات الأخيرة عليها عند وضع دستور جديد».
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة على التنسيق الروسي ــــ الكردي أن «موسكو ستعمل خلال الفترة المقبلة على تكثيف اللقاءات مع الأكراد والحكومة لإنهاء ملف الشمال السوري، وإنجاز اتفاق شامل ومرضٍ للطرفين». وتشير المصادر إلى «صعوبات تواجهها موسكو في هذا الملف، نظراً الى تعويل الأكراد على الوجود الأميركي، كعنصر مرجّح لهم، بعد خسارتهم مناطق واسعة خلال الهجوم التركي الأخير». وتضيف إن «موسكو تعمل على إقناع القادة الكرد بضرورة الدخول في حوار مباشر مع الحكومة السورية، لكون أيّ حل سياسي لن يمرّ إلا بموافقة دمشق»، مبيّنة أن «زيارة شخصيات سياسية سورية، مقرّبة من موسكو، للجزيرة السورية الأسبوع الفائت، يأتي في إطار السعي الروسي لخلق أرضية حوار شامل مع الكرد والإدارة الذاتية». ولا تبدو أنقرة مرتاحة إلى سعي موسكو لخلق أرضية تقارب بين دمشق والقوى الكردية، ولذا فهي قد تسعى إلى العودة الى التصعيد العسكري مجدداً، من خلال العمل على استهداف نقاط تمركز «قسد» في مقطع الطريق الدولي الرابط بين عين عيسى ومنبج. وتوحي التحركات التركية في تلك المنطقة بوجود نية لدى أنقرة لدفع الفصائل المسلحة المدعومة منها إلى شنّ هجمات على ريفَي عين العرب ومنبج، في محاولة للضغط على موسكو لإلزام الأكراد بالانسحاب من الطريق الدولية بين عين عيسى ومنبج، واستنساخ اتفاق مقطع عين عيسى ــــ تل تمر، لتطبيقه على كامل الطريق من تل تمر حتى منبج غرباً.