بغداد | فشل البرلمان العراقي في إقرار قانون الانتخابات التشريعية، بعدما كان مأمولاً «تمريره» في جلسة الأمس. وفيما دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، «اللجنة القانونية» إلى إنضاج مشروع القانون، وحسم شكل الدوائر الانتخابية، بحضور ممثلين عن وزارة التخطيط و«المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات» والجهات المعنيّة بالشأن الانتخابي، حمّل «تحالف الفتح» (تجمّع الكتل النيابية المؤيّدة لـ«الحشد الشعبي»)، اللجنة مسؤولية فشل الخطوة المرتقبة (خصوصاً أن البرلمان صوّت الأسبوع الماضي على قانون «المفوضية»، والذي تضغط «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) لإقراره على اعتبار أنه المخرج الأساسي للحل)، مؤكّداً أنّها «لم تقدّم القانون بشكلٍ كامل، وتتحمّل تبعات عدم التصويت عليه». بدوره، طالب زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، بأن تكون جلسة إقرار البرلمان «علنية»، مع تمسّك كتلته «سائرون» بأن يكون القانون قائماً على «الدوائر المتعددة على مستوى القضاء، وأن يكون الترشيح فردياً بنسبة 100 في المئة»، في مقترح يخالف توجهات معظم القوى والأحزاب السياسية، المتمسّكة بـ«الترشيح المختلط»، بين الفردي والقوائم المتعددة.وعلى خطٍّ موازٍ، تزايدت شكوك المتظاهرين حول جديّة القوى والأحزاب بالاستجابة لمطالبهم. فكل هدوء تبديه الأطراف والزعامات يقابله المتظاهرون برفع سقف المطالب، للضغط على قادة النظام بشتّى «مكوّناته» لتحقيق ما يطلبونه، إذ لم تجدِ المباحثات نفعاً في تحريك مياه الأزمة الراكدة، والمتعلقة بإيجاد «خليفة استثنائي» لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، يكون قادراً على إدارة «اللعبة»، فيُرضي مطالب المتظاهرين، ويحقّق شروط السياسيين و«يصالح» جهات مؤثّرة بالعملية السياسية، والتي كانت ناقمة على الفريق الوزاري السابق.
في غضون ذلك، جاءت لقاءات رئيس الجمهورية برهم صالح، مع قادة الكتل السياسية، لإيجاد «تسويةٍ» تسهّل اختيار رئيس جديدٍ للوزراء، إلا أنها لم تدفع إلى طرح أي اسم، سوى اتفاق «قائمة المواصفات»، تتصدرها الحزم والقوّة. وفي حديثه إلى «الأخبار»، يقول عضو «اللجنة العليا لتعديل الدستور» النائب يونادم كنا، إن «اجتماع القوى السياسية عُقد على مرحلتين منفصلتين، الأولى في 9 كانون الأوّل/ ديسمبر الحالي، والثانية في 11 من الشهر عينه»، مؤكّداً أن «المجتمعين اتفقوا على قائمةٍ من الشروط، أبرزها الحزم والقوّة والشجاعة والاستقلالية والكفاءة وعدم الولاء للخارج». ورغم أن الشروط المذكورة جاءت بعبد المهدي، إلا أن وضع الرئيس الجديد مختلفٌ «نوعاً ما» بالنسبة إلى قادة الكتل، ووفق يونادم كنا، الذي يشير إلى أن «الهدف من إعادة طرح هذه الشروط، إيجاد شخصيةٍ تكون مدعومة برلمانياً ولها ثقل داخل السلطة التشريعية يسهّل عملها التنفيذي مستقبلاً، لكن ذلك لن يتحقق ما لم تُحدد ملامح الكتلة الأكبر».
حديثٌ عن ارتفاع حظوظ محمد شياع السوداني كمرشّحٍ لرئاسة الوزراء


ووفق مصادر سياسية، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن صالح طالب قادة الكتل بتحديد ملامح «الكتلة الأكبر»، إلا أنّهم سلّموه قائمة مذيّلة بتوقيع 130 نائباً، وتمثّل «كتلة دعم الرئيس الجديد». من الناحية القانونية، قد يضطر صالح إلى تكليف «الفتح» (ثاني أكبر كتلةٍ برلمانية، بزعامة هادي العامري) تشكيل الحكومة الجديدة، في اللحظات الأخيرة من المهلة الدستورية، والتي تنتهي في 18 من الشهر الحالي، بعد انسحاب «سائرون»، وإيكالها تلك المهمة إلى «الشارع».
«بورصة» أسماء المرشّحين، بقيت مفتوحة حتى ساعةٍ متأخرةٍ من ليل أمس، وسط حديثٍ عن ارتفاع حظوظ النائب عن «ائتلاف دولة القانون» (بزعامة نوري المالكي) محمد شياع السوداني، كمرشّحٍ للمنصب العتيد، وإمكانية تبنّيه من قِبل «الفتح» العاجز عن إيجاد خيارٍ يتبناه. وفيما تؤكّد كتل المكوّنين «السُّنّي والكردي» ضرورة تحصيل «توافقٍ شيعي» للمضي به كمرشّحٍ «وحيد»، فإن كتل المكوّن «الشيعي» ــ هي الأخرى ــ عاجزةٌ عن اختيار مرشّحٍ يحظى بقبول «المرجعيّة» أوّلاً، والشارع ثانياً، وهي ثالثاً. وإن صحّ الحديث عن إمكانيّة تبنّي السوداني، وطرحه كمرشّحٍ لرئاسة الوزراء، فهذا يعني «تلقائيّاً» توجّه الصدر إلى المعارضة من جهة، وعزم مكوّنات «البيت الشيعي» على «كسره»؛ أي أنّ الرجل ــ ومنذ البداية ــ عارض ترشيح السوداني علناً، وهم ــ أي «تحالف البناء» (ائتلاف كتل «القانون» و«الفتح» وغيرهم)، سيطرحونه على الصدر من باب «اللياقة»، وسيمضون به كخيار من باب «العملية الديمقراطية».
أما المتظاهرون، فهم وفق النائب عن «صادقون» (الجناح النيابي لـ«حركة عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي) محمد البلداوي، فيريدون رئيساً تتطابق مواصفاته مع مطالبهم، أي «حاكماً قوياً قادراً على ردع الفساد المستشري، ويحقق ورقة المطالب التي يلوّحون بها منذ ثلاثة أشهر»، مؤكّداً في حديثه إلى «الأخبار» أنّ ثمة «20 مرشحاً، قُدمت أسماؤهم لخلافة عبد المهدي، غير أن تسريب بعض الأسماء في وسائل الإعلام يأتي لاستهلاكهم فقط».