بغداد | مع الدخول في المهلة القانونية التي حدّدها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لرئيس الجمهورية برهم صالح، بـ 15 يوماً لتكليف رئيس جديد للحكومة، تواصل الأحزاب والقوى السياسية اجتماعاتها من دون أن تصل إلى نتيجة إلى الآن. ما من جديد سوى تراجع أسماء مرشّحين وبروز أسماء آخرين مع إبقاء «البورصة» مفتوحة في انتظار «إشارة ما» تحسم الجدل الدائر. الحلبوسي، في الـ 3 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سلّم صالح كتاباً يدعو إلى «ضرورة الإسراع في تسمية رئيس جديد للوزراء «استناداً إلى المادة 76 من الدستور»، والتي تنصّ على «تكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوماً». وتنتهي المهلة الدستورية لتكليف رئيس يخلف عادل عبد المهدي في الـ 18 من الشهر الجاري، وهو ما يولّد مخاوف من الدخول في نفق الفراغ الدستوري، في حال فشل القوى السياسية في تسمية رأس جديد للسلطة التنفيذية. ووفقاً للخبير القانوني، علي التميمي، فإنه «بعد انتهاء مهلة الـ 15 يوماً، وفشل رئيس الجمهورية في تكليف مرشح يَخلُف عبد المهدي، سيبقى رئيس الوزراء المستقيل مُصرِّفاً للأعمال لـ 30 يوماً أخرى، وبعدها ينتهي عمل الحكومة المستقيلة، وتنتقل الصلاحيات إلى رئيس الجمهورية، وفق المادة 81 من الدستور»، والتي تنصّ على «قيام رئيس الجمهورية مقام رئيس الوزراء عند خلوّ المنصب لأيّ سبب كان».وفي سبيل تلافي الفراغ الدستوري، «شهد الأربعاء الماضي حركة مكّوكية للقوى السياسية كافّة، من اجتماعات ونقاشات مكثّفة بغية تحديد خليفة عبد المهدي»، وفق ما يكشف لـ«الأخبار» نائب عن «تحالف القوى العراقية» (أكبر كتلة «سنية» في البرلمان) رفض الكشف عن اسمه. ويلفت النائب إلى وجود «أطراف تعارض ترشيح شخصية من دون إشراك وفد تفاوضي يُرشّحه المتظاهرون»، في تلميح منه إلى «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، في وقت تدعم فيه بعض الكتل اختيار البديل الجديد بعيداً عن تطلّعات المتظاهرين، لأن مهمته ستقتصر على إصلاح النظام الانتخابي، ثم الذهاب نحو انتخابات مبكرة. وفي هذا الإطار، تقول مصادر سياسية، في حديثها إلى «الأخبار»، إن ثمة انقساماً سياسياً إزاء مهام الحكومة الجديدة وعمرها الدستوري. إذ ثمة فريق يضمّ «سائرون» (الكتلة النيابية المدعومة من الصدر) و«جبهة الإنقاذ والتنمية» (بزعامة أسامة النجيفي) و«ائتلاف الوطنية» (بزعامة إياد علّاوي) و«ائتلاف النصر» (بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي)»، يدعو إلى أن يكون عمر الفريق الوزاري الجديد 6 أشهر فقط، ينجز فيها الإصلاحات الانتخابية والتعديلات الدستورية، ثم يدفع نحو الاقتراع المبكر.
وضع الأكراد «فيتو» على أيّ مرشح له «جذوره العسكرية»

أما الفريق الثاني، والذي يضّم «تحالف الفتح» (تجمّع الكتل الممثلة لـ«الحشد الشعبي» بزعامة هادي العامري) و«ائتلاف دولة القانون» (بزعامة نوري المالكي) و«تيار الحكمة» (بزعامة عمار الحكيم) و«تحالف القوى» (بزعامة محمد الحلبوسي) و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» (بزعامة مسعود بارزاني)»، فيدعو إلى بقاء الحكومة الجديدة لغاية 2022، شريطة ألا يترشّح رئيسها وأعضاء طاقمها الوزاري للانتخابات التشريعية المقبلة، ويوكَل إليها تنفيذ مهام حكومة عبد المهدي وبرنامجها الوزاري.
وعلى مستوى تسمية رئيس الحكومة، يقترح فريق نيابي تسليم صالح ورقة تتضمّن 5 مرشحين لرئاسة الوزراء، تشترك في ترشيحهم القوى السياسية والمتظاهرون، ثم يباشر رئيس الجمهورية اختيار «الأكفأ» منهم. في المقابل، يدفع «سائرون» باتجاه خيار إسناد المهمة إلى «الشعب»، وهذا ما تعارضه قوى سياسية كونه مخالفاً للدستور. وفي هذا الإطار، ينبه مصدر سياسي مطلع إلى أنه «صحيحٌ أن الشعب مصدر السلطات، غير أن الاختيار يكون عبر الانتخابات الدورية، لا على أساس استفتاء شعبي». وفي خضمّ الجدل القائم، تكشف مصادر سياسية مطلعة أن قوى «الفتح» و«الحكمة» تدفع باتجاه ترشيح إبراهيم بحر العلوم، فيما يدفع «دولة القانون» باتجاه قصي السهيل «بصفته مستقلّاً» إلى جانب محمد شياع السوداني. في موازاة ذلك، يدخل مستشار الأمن الوطني ورئيس «هيئة الحشد الشعبي» فالح الفياض، منافساً عتيداً على المنصب أمام عبد الوهاب الساعدي، الذي تحاول كتل النجيفي وعلاوي وبعض القوى الدفع به مرشحاً، غير أن «الفيتو» الذي وضعته القوى الكردية أمام أيّ شخص له «جذوره العسكرية» يعرقل ذلك. وعلى خطّ المنافسة أيضاً، تُطرَح أسماء بعض الوزراء السابقين، ومنهم كل من: وزير الصحة صالح الحسناوي، والتخطيط علي الشكري، والنقل سلام المالكي، كمرشحين مستقلين لشغل منصب الرئيس المستقيل.